Saturday, January 10, 2009

بيان عسكري ... للشاعر تميم البرغوثي


بيان عسكري

قصيدة للشاعر تميم البرغوثي
إذا ارتاح الطغاة إلي الهوان
وإنجازٌ بقاءُ المرءِ حَيَّاً
وجثةِ طِفْلَةٍ بممرِّ مَشْفَيً
علي بَرْدِ البلاطِ بلا سريرٍ
كأنَّكِ قُلْتِ لي يا بنتُ شيئا
ًعن الدنيا وما فيها وعني
فَدَيْتُكِ آيةً نَزَلَتْ حَدِيثاًَ
فنادِ المانعينَ الخبزَ عنها
وَهَنِّئْهُم بِفِرْعَوْنٍ سَمِينٍ
له لا للبرايا النيلُ يجري
وَقُل لمفرِّقِ البَحرَيْنِ مهما
وإن راهنتَ أن الثأرَ يُنسي
نحاصَرُ من أخٍ أو من عدوٍّ
سَنَغْلِبُ والذي جَعَلَ المنايا
بَقِيَّةُ كُلِّ سَيْفٍ، كَثَّرَتْنا
كأن الموت قابلة عجوز
نموتُ فيكثرُ الأشرافُ فينا
كأنَّ الموتَ للأشرافِ أم
ٌّلذلك ليس يُذكَرُ في المراثي
سَنَغْلِبُ والذي رَفَعَ الضحايا
رماديِّونَ كالأنقاضِ شُعث
يَدٌ لِيَدٍ تُسَلِّمُهم فَتَبْدُو
يدٌ لِيَدٍ كَمِعراجٍ طَوِيل
ٍيَدٌ لِيَدٍ، وَتَحتَ القَصْفِ، فَاْقْرَأْ، هنالكَ ما تشاءُ من المعاني
صلاةُ جَمَاعَةٍ في شِبْرِ أَرضٍٍ
تنادي ذلك الجَمْعَ المصلِّي
فَيُمْعِنُ في تَجَاهُلِها فَتَرمِي
وَتُقْلِعُ عَنْ تَشَهُّدِ مَنْ يُصَلِّي
نقاتلهم علي عَطَشٍ وجوع
نقاتلهم وَظُلْمُ بني أبينا
نُقَاتِلُهم كَأَنَّ اليَوْمَ يَوْم
ٌبِأَيْدِينا لهذا اللَّيْلِ صُبْحٌ1
فذكرهم بأن الموتَ دانِ
علي مرِّ الدَّقائقِ والثواني
لها في العمر سبعٌ أو ثماني
وإلا تحتَ أنقاضِ المباني
عزيزاً لا يُفَسَّر باللسان
ِوعن معني المخافةِ والأمانِب
خيطِ دَمٍ عَلَي حَدَقٍ حِسَان
ِومن سَمَحُوا بِهِ بَعْدَ الأوانِ
كَثَيرِ الجيشِ مَعمورِ المغاني
له البستانُ والثَمَرُ الدَّواني
حَجَرْتَ عليهما فَسَيَرْجِعَانِ
فإنكَ سوف تخسرُ في الرِّهانِ
سَنَغْلِبُ، وحدَنا، وَسَيَنْدَمَان
ِبها أَنَفٌ مِنَ الرََّجُلِ الجبانِ
مَنَايانا علي مَرِّ الزَّمَان
ِتزور القومَ من آنٍ لآنِ
وتختلطُ التعازي بالتهاني
مُشَبَّهَةُ القَسَاوَةِ بالحنانِ2
كثيراً وهو يُذكَرُ في الأغاني
مِنَ الأنقاضِ رأساً للجنان
ِتحددهم خيوط الأرجوانِ
سَماءُ اللهِ تَحمِلُها يدانِ
إلي بابِ الكريمِ المستعانِ
وطائرةٍ تُحَوِّم في المكانِ
لكَ الوَيْلاتُ ما لَكَ لا تراني
قَنَابِلَها فَتَغْرَقُ في الدُّخانِ
وَعَنْ شَرَفٍ جَدِيدٍ في الأَذَانِ
وخذلان الأقاصي والأداني
نُعانِيه كَأَنَّا لا نُعاني
وَحِيدٌ ما لَهُ في الدهر ثَانِ
وشَمْسٌ لا تَفِرُّ مِنَ البَنَان
ِيقولون في نشرة العاشرة
ْإن جيشاً يحاصر غزة والقاهرةْ
يقولون طائرة قصفت منزلاً
وسط منطقة عامرةْ
فأضيف أنا
لن يمر زمان طويل علي الحاضرين
ْلكي يَرَوُا المسلمين وأهل الكرامة من كل دين
ْيعيدون عيسي المسيح إلي الناصرةْ
والنبي إلي القدس، يهدي البراق فواكه من زرعنا
ويطوقه بدمشقٍ من الياسمين
ْيقولون جيش يهاجم غزة من محورين
ْيقولون تجري المعارك بين رضيع ودبابتينْ
فأقول أناسوف تجري المعارك في كل صدر وفي كل عين
ْوقد تقصف المدفعية في وجه ربك ما تدعي من كذبْ
ويقول العدو لنا فليكن ما يكون
ْفنقول له، فليكن ما يجبْ
بياناتنا العسكرية مكتوبة في الجبين
ْلم تكن حكمة أيها الموت أن تقترب
ْلم تكن حكمة أن تحاصرنا كل هذي السنين
ْلم تكن حكمة أن ترابط بالقرب منا إلي هذه الدرجةْ
قد رأيناك حتي حفظنا ملامح وجهكَ
عاداتِ أكلكَ
أوقاتَ نومكَ
حالتِك العصبية
َشهواتِ قلبكَ
حتي مواضع ضعفكَ،
نعرفهاأيها الموت فاحذرْ
ولا تطمئن لأنك أحصيتنا
نحن يا موت أكثر
ْونحن هنا
بعد ستين عاماً من الغزو
تبقي قناديلنا مسرجةْ
بعد ألفي سنةْ
من ذهاب المسيح إلي الثالث الابتدائي في أرضنا
قد عرفناك يا موت معرفة تتعبُكْ
أيها الموت نيتنا معلنة
إننا نغلبُكْ
وإن قتلونا هنا أجمعين
ْأيها الموت خف أنت
،نحن هنا، لم نعد خائفين.

No comments: