Wednesday, October 22, 2008

لماذا يتحرش المصريون بالنساء ؟ بقلم علاء الأسواني

الإجابة التقليدية على هذا السؤال تقول :
ان النساء برغم كونهن ضحايا التحرش الجنسي إلا أنهن أنفسهن المتسببات في حدوثه لأنهن يرتدين الملابس الضيقة أو العارية التي تثير شهوة الشباب مما يدفعهم إلى التحرش بهن وهذا الكلام يحمل في الواقع مغالطة كبرى ومنطقا معوجا وكأن المرأة يجب أن تتحمل الذنب دائما حتى عن الأخطاء والجرائم التي ترتكب في حقها أو كأن هؤلاء الشباب مجرد حيوانات ليس بمقدورهم التحكم في غرائزهم فما ان يلمحوا إمرأة في ثوب ضيق حتى يثبوا عليها وينتهكوها فورا .
على أن هذا المنطق الظالم الذي يلوم الضحية قد تهاوى مؤخرا وتبين أنه عار تماما عن الصحة فقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 75% من السيدات اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي في مصر من المحجبات بل ان الفيلم المتاح على الانترنت الذي يصور واقعة التحرش الجماعي التي حدثت في وسط القاهرة منذ عامين يكشف لنا كيف نهش المتحرشون عرض فتاة كانت ترتدي الإسدال الذي يغطي جسدها كله .
أضف إلى ذلك أن المجتمع المصري ظل حتى نهاية السبعينيات يتقبل اجتماعيا فكرة ان ترتدي المرأة مايوها يكشف عن أجزاء من جسدها أمام الرجال وكانت الشواطئ وحمامات السباحة في الأندية كلها تشهد آنسات وسيدات ينزلن إلى المياه بالمايوهات دون أن يتحرش بهن أحد بل ان الموضات التي انتشرت في تلك الفترة مثل الميني جيب والميكرو جيب كانت تكشف عن ساقي المرأة وكانت نساء كثيرات في مصر ترتدين تلك الملابس في أماكن العمل والدراسة وفي المواصلات العامة وكانت الملابس القصيرة آنذاك تثير حفيظة المحافظين من الناس لكنها لا تدفعهم ابدا الى التحرش بالنساء
المؤكد اذا أن التحرش الجنسي مرض وافد على المصريين ولم يكن موجودا كظاهرة في مصر قبل ثلاثين عاما كما أن الحافز إلى التحرش الجنسي ابعد بكثير من الملابس الضيقة او العارية .
ان ظاهرة تحرش المصريين بالنساء التي استفحلت في الآونة الأخيرة تحمل بلاشك أبعادا اجتماعية واقتصادية عديدة فهناك الكبت الجنسي وتاخر سن الزواج والبطالة والفقر وانتشار العشوائيات والإحباط والفراغ والإحساس بانعدام العدالة كلهذا في رايي عواملمهمة لكنها مساعدة .
أما السبب الأصيل في رأيي لأنتشار التحرش الجنسي فهو تغير نظرتنا إلى المرأة .
فعبر التاريخ الانساني كانت هناك طريقتان للتفكير في المراة : الطريقة المتحضرة تعتبر المراة كائنا انسانيا حدث أنه أنثى كما أن الرجل كائن انساني حدث أنه ذكر وهذه النظرة المتحرة تعترف للمراة بكلطاقاتها وقدراتها الإنسانية ولا تختصرها في كونها أنثىوهي بالتالي تتيح مجالاواسعا للتعامل الانساني المحترم فطبقا لهذه النظرة سوف يتعامل الرجل مع زميلته او تلميذته او استاذته في الجامعة باعتبارها انسانا وليست مجرد انثى يشتهي مضاجعتها ،،،
أما الطريقة المتخلفة لرؤية المراة فهي تختصرها في كونها جسدا يشتهيه الرجل ةهي تعتبر ان المراة اولا واخيرا انثى اداة متعة ووسيلة غواية وماكينة لإنجاب الاطفال واي نشاط للمراة خارج وظائف الانثى يظل فرعيا وهامشيا .
والحق ان مجتمعنا المصري منذ القرن التاسع عشر قد قطع شوطا كبيرا ومبكرافي التحديث وبالتالي تمتع المصريون مبكرا جدا بنظرة متحضرة تحترم انسانية المراة وقد كانت المراة المصرية رائدة النساء في العالم العربي كانت أول من تعلمت واول من توظفت واول من قادت السيارة والطائرة واول من دخلت البرلمان واول من شغلت منصب وزيرة بين نساء العرب وقد سادت في مصر نظرة متحضرة تحترم آدمية المراة حتى أوائل الثمانينات حين تعرضت مصر لموجة عاتية من الفكر السلفي الوهابي الذي يقدم رؤية مختلفة تماما للمراة فالمراة في نظر السلفيين جسد اولا واخيرا واكثر ما يشغلهم هو تغطية هذا الجسد " منذ أيام دعا شيخ سعودي بارز النساء المسلمات الى ارتداء النقاب بعين واحدة درءا للفتنة وحماية للأخلاق " هذه النظرة التي تلخص المراة في كونها جسدا تجعل منها تلقائيا غنيمة جنسية محتملة في أي وقت وهي تعتبر المراة كائنا بلا ارادة اخلاقية تقريبا فلا بد أن يصحبها دائما رجل من اهلها ليحميها من الآخرين ومن نفسها ايضا وبالتالي فإن اعتبار المراة مجرد جسد يدفع باتجاه استهدافها في اول فرصة يأمن فيها المتحرش من العقاب .
ان النظرة المتخلفة للمراة المنتشرة الآن في مصر تم استيرادها للاسف من مجتمعات بدوية صحراوية كانت مصر متقدمة عنها بشوط كبير في كل المجالات الإنسانية وبدلا من ان نساعد هذه المجتمعات على التقدم الإنساني اصابتنا عدوى افكارها المتخلفة .
إن الشباب الذين يخرجون في الاعياد ليتحرشوا بالنساء في الشوارع يطبقون ببساطة ما تعلموه عن المراة فإذا كانت المرأة مجرد جسد وإذا كانت لا تمثل إلا الشهوة واللذة واذا كانت مصدر الغواية فلماذا لا ينتهكها كل من لا يامن العقاب ؟؟
وقد التقت جريدة المصري اليوم بعض المتحرشين فاكدوا جميعا ان اي امراة تنزل للنزهة يوم العيد تريد ان يتحرش الشباب بها .
وهذا المنطق مطابق تماما للنظرة السلفية المتخلفة للمراة فالمراة تحمل الغواية في دمها وان تظاهرت بالعكس وعلى الرجل ان يحرس حريمه بمنتهى الحذر اما المراة التي تخرج وحدها في يوم مزدحم فليست الا ساقطة تريد من الشباب ان يتحرشوا بها جنسيا .
لقد استبدلنا بنظرتنا المتحضرة للمراة نظرة متخلفة تتستر بالدين الذي هو في الواقع بريء منها .
ولقد بدانا ندفع ثمنا باهظا لهذه الافكار المتخلفة قبل ان ندعو الشباب الى عدم التحرش بالنساء علينا ان نعلمهم اولا كيف يحترمون المراة ؟
علينا ان نكف عن مناقشة ماذا ترتدي المراة وماذا تخلع ؟ وإذا كان يجب أن تغطي أذنيها او تترك خصلات شعرها متدلية علينا ان نكف عن هذه النظرة المتخلفة المهووسة في الواقع بجسد المراة وان دعت الى تغطيته وتظاهرت بالتقوى علينا ان نستعيد افكارنا المصرية المتحضرة وان نتذكر ان المراة هي الام او الاخت او الإبنة وهي كائن مساو للرجل تماما في القدرات والحقوق والواجبات علينا ان نبرزر لهذا الشباب نماذج لنجاح المراة المهني وتميزها العقلي يجب ان يتعرفوا على المراة الطبيبة والمهندسة والقاضية وعندئذ يدركون ان المراة لديها امكانات انسانية حقيقية اهم بكثير من جسدها وعندئذ فقط سيكفون عن التحرش بالنساء في الشوارع.

Saturday, October 11, 2008

شوارع‏..‏ بلا فضيلة‏ بقلم عزت السعدني في الاهرام اليوم

جاءت إلي مكتبي علي غير موعد‏..‏ فتاة لم تكمل أعوامها العشرين بعد‏..‏ ملامح مصرية صميمة‏..‏ شعر أسود مرسل علي الجبهة وعلي الأكتاف‏..‏ تحسبها أختك أو زميلتك في الجامعة‏..‏ عيون سوداء ترسل نظرات تحمل ألف معني ومعني‏..‏ كأنها طلقات رصاص حي‏..‏ بادرتني قبل أن أرحب بها بقولها‏:‏ أنا واحدة من الفتيات اللاتي تحرش بهن الشباب في شارع جامعة الدول العربية ثاني أيام العيد‏!‏قلت لها قبل أن أجلس إلي مكتبي‏:‏ ياه‏..‏ دي الشرطة بتدور عليك‏!‏قالت في هلع‏:‏ ليه‏..‏ أنا المجني عليها مش المتهمة‏..‏ يروحوا يمسكوا العيال الديابة اللي طايحين في الشوارع‏..‏ واللي مبرشم واللي طهقان من عيشته‏..‏ واللي بيفش غله في بنات الناس الغلبانين اللي خرجوا يشموا هوا واللا ياكلوا حاجة واللا يشتروا حاجة في ليلة عيد‏..‏ يقوم يكون نصيبهم التحرش السافر والعلني والجماعي في وسط الشارع والناس رايحة وجاية‏..‏ ومحدش قادر عليهم ومافيش عسكري واحد يوحد الله يوقفهم عند حدهم بصغاره واللا حتي بعصاية‏!‏قلت لها‏:‏ اهدي كده‏..‏ وقولي لي انت تلميذة؟قالت‏:‏ كل اللي قاعدة قدامك ده تلميذة لسه‏..‏ أنا طالبة في كلية الآداب وقسم عربي كمان‏..‏ واسمي سناء‏..‏ لو كنت عايز‏..‏قلت‏:‏ سناء إيه؟قالت‏:‏ لحد كده كفاية‏..‏ لا أنا عاوزة صورتي في جرايد ولا اسمي عشان أهلي لحد النهاردة ميعرفوش إن أنا واحدة من البنات اللي داسوا علي شرفها وتحرشوا بكل حتة في جسمها أنا والبنات التانيين‏..‏قلت لها‏:‏ تعرفيهم؟قالت‏:‏ ولا شفتهم قبل كده‏..‏ أنا كنت لوحدي مستنية واحدة صاحبتي زميلتي في الكلية عشان نتسوق في المهندسين في العيد‏..‏ لسه يادوب واقفة علي محطة الأوتوبيس‏..‏ لقيت الفيضان‏..‏ فيضان الشباب الصايع الضايع زي التتار بيجروا ورا بنت غلبانة زيي كده‏..‏ شدوا الـ تي شيرت بتاعها قطعوه وبان السوتيان بتاعها وهي بتصرخ وبتجري في كل حتة‏..‏ قاموا شافوني اتلموا علي أنا كمان‏..‏ وهما بيصرخوا‏:‏ وليمة ياللا‏..‏ وليمة‏..‏ ياللا ناكل هم هم هم‏..‏ كأنهم من بلاد نمنم كما كنا نشاهد في روايات ألف ليلة وليلة‏..‏ حاجة كدة زي كابوس‏..‏ زي حلم مزعج‏..‏ زي فيلم من أفلام الرعب‏..‏ ربنا ما يوريك‏..‏يسيل خط من الدموع فوق وجنتيها‏..‏ أقدم لها علبة مناديل‏..‏ أضعها أمامها علي يد الكنبة السوداء التي تجلس عليها‏..‏ تجفف دموعها بواحد منها دون صوت‏.‏أوقظها بسؤال كالصاعقة‏:‏ طيب ما هو الأولاد دول حيعملوا إيه‏..‏ وأنتم يا بنات ويا ستات لابسين حاجة كدة من غير هدوم‏..‏ وماشيين كده تتقصعوا يمين وشمال‏..‏ في دعوة صريحة منكن للمعاكسة والمغازلة وما خفي كان أعظم‏!‏تقف منتفضة من مقعدها كمن لدغها عقرب يتيم الأبوين وهي تقول‏:‏ أهو أنا قدامك أهو‏..‏ آخر حشمة‏..‏ فستان طويل تحت الركبة بكثير بأكمام طويلة‏..‏ ووجه من غير مكياج‏,‏ ولا رميل في العينين‏,‏ ولا أحمر قوطة علي الشفايف‏..‏ بذمتك وإيمانك دي حد يعاكسها في الشارع‏..‏ يقلعوها الفستان قدام الخلق ويشدوه يقطعوه‏..‏ويخلوني عريانة بالقميص الجواني ونص الفستان المهربد المقطع‏!‏قلت لها‏:‏ والبنات التانيين‏..‏ كانوا زيك كده‏..‏ آخر حشمة وتحشم‏.‏قالت‏:‏ ماليش دعوة بحد غيري‏..‏ البنات والستات تلبس اللي هي عاوزاه‏..‏ لكن هل هذا مبرر للشباب الضايع الصايع انهم يتحرشوا بيهم‏..‏ وعاوزين ياكلوهم أكل‏..‏ وقدام الناس‏..‏ وفي الشارع وماحدش عارف يكسر سمهم‏!‏أسألها‏:‏ وانت عملت إيه؟قالت‏:‏ رمونا علي الأرض أنا وثلاث بنات زيي كده ماعرفهمش‏..‏ وركبوا فوقنا‏..‏ أي والله ركبوا فوقنا وهما بيصرخوا وليمة‏..‏ هم هم هم‏!‏فيه ثلاث ستات محجبات هجموا علي العيال وخلصونا من إيديهم‏..‏ ونالهم برضه من الحب جانب‏!‏أسألها‏:‏ يعني إيه يا ست سناء؟قالت‏:‏ يعني برضه قرصة‏..‏ غمزة‏..‏ قفشة‏..‏ كده‏..‏ ما أنت عارف كل حاجة‏!‏أسألها‏:‏ ومافيش شرطة تحميكم؟قالت‏:‏ صلي علي النبي‏..‏ دول الظاهر كانوا بيعيدوا واللا بيوقفوا المرور عشان واحد عظيم يعدي‏!‏أسألها‏:‏ وانت مين خلصك من بين أنياب الذئاب؟قالت‏:‏ واحدة ست‏..‏ خد بالك واحدة ست مش واحد راجل‏..‏ الظاهر ما بقاش فيه رجالة في الزمن ده‏..‏قلت لها‏:‏ ما يجيبها إلا ستاتها‏!‏قالت‏:‏ واحدة ست كبيرة شوية لابسة أسود من فوقها لتحتها‏..‏ شدتني من علي الأرض‏..‏ وقومتني وهي بتضرب بإيديها ورجليها في العيال الصيع وخرجتني بالعافية من وسطيهم وأنا آخر بهدلة‏..‏ وركبتني تاكسي وادتني ورقة بخمسة جنيهات‏..‏ بعد ما ضاعت شنطتي وفيها كل حاجة‏..‏ البطاقة وكارنيه الجامعة وكيس الفلوس فيه العيدية وفلوس المشتريات والموبايل كمان‏..‏ وقالت للسواق‏:‏ دي بنتي روحها‏..‏ وأنا أخدت نمرتك والسواق كان شهم‏..‏ وماخدش أجرة التوصيل‏!‏أسألها‏:‏ قالولك إيه في البيت لما شافوكي كده مقطعة وتقريبا من غير هدوم؟قالت‏:‏ أنا برضه فكرت في الحكاية دي‏..‏ رحت عديت في السكة علي واحدة صاحبتي‏..‏ طلبت من البواب يندهلها تنزلي‏..‏ نزلت وصرخت لما شافتني‏..‏ القصد خدت حاجة من عندها‏..‏ وروحت ما نطقتش أي كلمة‏..‏ وأي حكاية برضه تتحكي‏..‏ دي حكاية عاوزة مندبة وطابور ندابات من نوع أم جلجل الندابة‏..‏ يعيطوا ويلطموا علي شباب مصر‏..‏ واللي جرالهم وبنات مصر واللي بيحصل لهم‏!‏قامت منتفضة من مكانها‏..‏ لملمت حاجاتها‏..‏ وقالت لي‏:‏ سلام بقي‏..‏ وسلم لي علي الشباب اللي موش لاقي حد يلمه‏..‏ كفاية عليهم أفلام البورنو والكليبات العريانة اللي بيصوروها في غرف النوم‏..‏ وسلم لي علي العولمة‏..‏ وسلام مربع لرجال الشرطة‏..‏ كتر خيرهم جم بعد ما شطبوا علي البنات قدام الناس‏..‏ عملوا معاهم كل حاجة‏..‏ ناقص بس‏..‏ واللا بلاش الكلام القبيح ده‏!‏قلت لها‏:‏ لكن الشرطة عاوزاكي‏..‏ والنيابة كمان عشان ياخدوا أقوالك بصفتك مجني عليها مش متهمة‏!‏قالت‏:‏ مجني عليها‏..‏ متهمة‏..‏ أنا ما أروحش أقسام ولا نيابة‏..‏ انت عاوزني أتفضح أكثر ما اتفضحت‏..‏ انت ناسي إن أنا بنت جامعية ولي أهل واخوات وعيلة كبيرة متلتلة‏..‏ كفاية فضايح وحياتك‏!‏قلت لها‏:‏ لكن انت قلت إن اسمك سناء وطالبة في كلية الآداب قسم عربي‏..‏ ممكن لو هما عاوزين‏..‏ يجيبوك‏!‏قالت قبل أن تغلق باب حجرتي من الخارج وتمضي لحال سبيلها‏:‏ انت عارف فيه كام سناء في كلية الآداب؟أسألها‏:‏ كام؟قالت‏:113‏ واحدة‏..‏ يبقوا يدوروا بقي‏!‏عادت لتفتح الباب وتطل برأسها من جديد وهي تقول بخبث البنات هذه المرة‏:‏ وممكن كمان يا صاحبي يكون اسمي مش سناء‏!‏‏..............‏ ‏..............‏قلت للصديق اللواء عدلي فايد مساعد وزير الداخلية لشئون الأمن العام‏:‏ واحدة من الفتيات التي تبحثون عنهن في مكتبي‏!‏قال‏:‏ تقصد اللاتي تعرضن للتحرش في ليلة العيد؟قلت‏:‏ أيوه‏..‏قال‏:‏ هاتها أرجوك عشان التحقيق يكمل‏!‏قلت‏:‏ معلهش بقي‏..‏ دي موش راضية وخايفة من الفضايح‏..‏ وبمجرد أنها سمعت أنها مطلوبة في البوليس والنيابة خافت وهربت‏!‏قال‏:‏ دي شاهدة ومجني عليها مش متهمة‏!‏قلت‏:‏ لكن تقول لمين‏..‏ بعد اللي حصل لها ولزميلاتها في وسط أكبر شارع وأزحم شارع في العيد‏..‏ الشرطة كانت فين ليه ماجتش في الوقت المناسب تماما‏..‏ وفين عسكري زمان اللي كان بيزعق ويقول‏:‏ مين هناك؟ زي ما شفنا واحنا صغيرين‏..‏ زي ما شفناه في أفلام الأبيض والأسود؟قال‏:‏ انت عاوز العسكري بتاع زمان يرجع‏..‏ إزاي بس‏..‏ دي القاهرة لوحدها عدد سكانها فوق الخمسة وعشرين مليونا‏..‏ ومصر كلها زمان كان تعدادها لا يتجاوز هذا الرقم‏!‏قلت‏:‏ إيه اللي حصل؟قال‏:‏ دول ييجي كده مائة شاب جايين من حواري وأزقة إمبابة والعمرانية والوراق‏..‏ تحرشوا بأربع بنات في شارع جامعة الدول العربية في ليلة ثاني أيام العيد‏..‏ ضبطنا‏38‏ في الحال‏+40‏ في اليوم الثاني‏.‏هجوم من الأحياء الفقيرة علي وسط المهندسين‏..‏ زي التتار بالضبط ما تقدرش تمنع حد إنه ينزل البلد عشان يعيد ويفرح ويهيص‏..‏ لكن الأعداد الكبيرة بتعمل حاجة بيسموها في علم الاجتماع‏..‏ غوغاء العامة‏..‏ وهذه من الصعب السيطرة عليها‏..‏ وهذا هو ما حدث بالضبط‏..‏ تجمع هائل في الشارع‏..‏ وعندما يشعر هؤلاء القادمون من بيئات متدنية‏..‏ بأنهم أصبحوا أقوياء بالكثرة يفعلون ما يفعلون وكما رأيت‏!‏قلت‏:‏ لكن الشرطة كانت غير موجودة؟قال‏:‏ الشوارع غير الشوارع‏,‏ والعربات زادت بقت أكثر من مليوني في عاصمة ما تستوعبش أكثر من‏400‏ ألف عربية‏..‏ مافيش أوتوبيسات عامة وعربات السرفيس زاحمة الدنيا برذالة وقلة ذوق‏..‏ وبعدين ما تنساش كمان إن الناس اتغيرت‏..‏ ما بقاش فيه أخلاق‏..‏ أما كنت تركب أوتوبيس وتلاقي راجل كبير تقوم تقف وتخليه هو يقعد‏..‏ والستات كانوا بيلبسوا جابونيز وماحدش كان بيقرب منهم‏!‏دلوقتي الشباب نازل من بيته عشان يعاكس بس‏..‏ كل هدفه المعاكسة وبيعتبر دي رجولة وبطولة وجدعنة‏..‏ زي ما بيشوف في أفلام الأيام دي‏!‏قلت‏:‏ أصله شباب محروم من كل حاجة‏..‏ لا تعليم كويس‏..‏ ولا وظيفة بيلاقيها‏..‏ ولا لاقي شقة يسكن فيها‏..‏ ولا أمل في جواز‏..‏ وعايش في بيت آيل للسقوط‏..‏ أمه وأبوه ما يبطلوش خناق عشان مصروف البيت‏..‏ واللا يمكن تقع عليه صخرة زي ما وقعت علي اللي ساكنين الدويقة‏..‏ واللا يروح يبرشم واللا يضرب بانجو أحسن‏!‏‏...................‏‏..................‏قلت للصديق اللواء حمدي عبدالكريم الذي يقود باقتدار قافلة الإعلام في وزارة الداخلية‏:‏ إيه الحكاية؟قال‏:‏ إنها أخلاق القطيع يا عزيزي‏..‏ القطيع يحكم الشارع‏..‏ نحن نريد ثورة في السلوكيات‏.‏إذا سألت نفسك‏:‏ لماذا يحدث ذلك؟الجواب هو‏:‏ البيت هو الأساس‏..‏ لا تربية ولا أخلاق‏..‏ الكل يجري علي لقمة عيشه‏..‏ ولا يهم هنا من أين‏..‏ حلال أم حرام أم نص نص‏..‏قلت‏:‏ يعني البيت هو سبب أخلاق القطيع الذي نزل هبرا في بنات الناس في قلب الشارع وفي ليلة عيد؟قال‏:‏ البيت‏+‏ المدرسة‏+‏ أنتم رجال الصحافة‏+‏ التليفزيون الموقر‏.‏كنا زمان نقرأ ونتعلم أول مبادئ الأخلاقيات من صفحة الإرشادات في كراساتنا في الابتدائي‏,‏قلت‏:‏ اغسل يديك قبل الأكل وبعده‏+‏ أطع أباك وأمك‏+‏ قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم يصبح رسولا‏+‏ حافظ علي نظافة بلدك‏+‏ دافع عن وطنك شرفك عرضك‏+‏ للشارع حرمته وجلاله لا تلق فيه قمامة ولا تؤذ جارك‏..‏ ومن يستنجد بك انقذه ودافع عنه‏..‏يقاطعني‏:‏ واليوم إذا رأينا أحدا يقتل إنسانا أو ينال من عرض وشرف امرأة لا أحد يتحرك ولا أحد ينقذ الفتيات من أيدي الذئاب كما حدث ثاني يوم العيد في شارع جامعة الدول العربية‏..‏ وبدلا من صفحة الإرشادات‏..‏ قدمنا له شاكيرا‏!‏أسأله‏:‏ طيب وأين كانت الشرطة الراكبة أو المتحركة أو الواقفة أو المتمركزة؟قال‏:‏ لا تلوموا الشرطة في مدينة تعدادها تجاوز الـ‏25‏ مليون إنسان بالنهار‏..‏إن ما حدث هو بمثابة جرس إنذار للبيت المصري والمدرسة والجامعة والصحافة والإعلام والتليفزيون‏..‏ كلنا مسئولون‏..‏ وكلنا مدانون ولابد أن نتحرك قبل أن يفلت منا الزمام‏..‏ وساعتها لا ينفع الندم‏..‏ واللا إيه‏!‏‏.......‏‏......‏ماذا نحن صانعون؟هل نقف مكتوفي الأيدي أمام جنوح القطيع وانحرافه عن الخط وسقوطه في حفرة التحرش وخدش الحياء العام وافتراس الفضيلة أمام كل الأعين ونحن عنه لاهون؟أم نتحرك قبل فوات الأوان وليس كعادتنا دائما بعد فوات الأوان؟هل حان الوقت ان لم يكن قد فات لاعداد قانون جديد يحمي المرأة من غدر الذئاب وتقنين تشريع يحمي من التحرش الجنسي في الشوارع؟يا أولي الفكر والفهم والألباب فينا‏..‏ أفتونا‏!{‏