Saturday, November 22, 2008

لماذا تغيرت أخلاق المصريين ؟ بقلم علاء الأسواني


«لماذا تغيرت أخلاق المصريين..؟»

22/11/2008
علاء الأسواني
كنت أعمل طبيب أسنان في عيادتين متجاورتين في جنوب القاهرة، تفصل بينهما مسافة قصيرة أقطعها مشيا، كانت إحدي العيادتين في مستشفي خاص والأخري في مستشفي حكومي.. والحق أن الفارق بينهما كان كبيرا. فكنت أذهب إلي العيادة الخاصة فأجد كل شيء نظيفا ومنظما.. الأدوات الطبية كاملة ومعقمة جيدا والممرضة نشيطة مهذبة تنتظرني وقد أعدت قائمة بالمرضي..
أضف إلي ذلك أنني كنت أتقاضي هناك أجرا معقولا يكافئ ما أبذله من جهد. وعلي العكس من ذلك كان الوضع في المستشفي الحكومي.. فالمكان قذر مهمل والأدوات ناقصة والأمر يستغرق شهورا طويلا وموافقات معقدة للحصول علي أدوات جديدة.. والأجهزة كلها قديمة الطراز كثيرة الأعطال، بما في ذلك جهاز التعقيم وجهاز الأشعة مما يجعل عمل الطبيب معاناة حقيقية.. والممرضة وقحة وكسولة تسيء معاملة المرضي وتتحين أي فرصة للهروب من العمل.. أما مدير المستشفي فكان عضوا في الحزب الوطني..لا يهمه إلا تلميع صورته في وسائل الإعلام وإرضاء رؤسائه في الحزب والوزارة وتملقهم باستمرار حتي يضمن الترقي في المناصب.. بخلاف شائعات قوية كانت تتردد عن علاقته الخاصة بإحدي الممرضات التي تحولت بالتالي إلي صاحبة نفوذ تتحكم في مجريات الأمور في المستشفي.. وبالطبع كنت أقبض هناك أجرا هزيلا وغير عادل إطلاقا.. ظللت أتردد علي العيادتين ثلاث مرات أسبوعيا، أبدأ بالمستشفي الحكومي ثم أذهب بعد ذلك إلي المستشفي الخاص.. وشيئا فشيئا بدأت ألاحظ أنني ما إن أدخل إلي المستشفي العام حتي تنتابني حالة من الضيق والتبرم.. حتي إنني كنت أتمني في نفسي أن أذهب فلا أجد مريضا في انتظاري أو أن أجد ماكينة الأسنان معطلة فلا أعمل.. بينما، علي العكس، ما إن أدخل إلي المستشفي الخاص حتي أحس بالراحة وتنتابني الحماسة، فأنهمك في عملي محاولا أن أقدم أفضل ما لدي من علم ومجهود في علاج المرضي الذين كنت أعاملهم جميعا بهدوء ورحابة صدر.. والحق أنني بدأت أقلق من اختلاف الحالة النفسية التي تنتابني في العيادتين.. حتي ضبطت نفسي ذات مرة في المستشفي العام وأنا أسيء معاملة أحد المرضي.. عندئذ توقفت لمحاسبة نفسي وانتابني إحساس ثقيل من تأنيب الضمير. وفي اليوم التالي أرسلت استقالتي إلي مدير المستشفي العام وانقطعت عن العمل فيه ..لكنني تأملت ما حدث وسألت نفسي: ما الذي يدفع شخصا يؤدي نفس العمل في مكانين إلي التصرف بطريقتين متناقضتين تماما.؟. الإجابة كلمة واحدة: الإدارة.. إذا انصلح نظام الإدارة فإنه يخرج من الناس أفضل ما فيهم وإذا فسد أخرج منهم أسوأ ما فيهم.. وهذه القاعدة يمتد نطاقها ليشمل البلد بأسره.. فالإدارة في أي بلد موكولة للنظام السياسي.. فإذا كان النظام صالحا انصلح سلوك الناس وإذا كان فاسدا أدي إلي إفسادهم. وهذا للأسف ما حدث في مصر ...فقد اشتهر المصريون عبر تاريخهم بالكثير من الصفات الأخلاقية الجيدة.. ولا أبالغ إذا قلت إن الذكاء وخفة الظل والتسامح والطيبة والكرم والشهامة.. كلها صفات تميز بها المصريون ربما أكثر من شعوب أخري كثيرة.. لكننا نري الآن في المجتمع المصري كيف تتواري الصفات الجيدة في أحيان كثيرة لتترك مكانها لصفات أخري سيئة ..إن التدهور الأخلاقي في مصر قد أصبح ظاهرة استوقفت الكتاب وعلماء الاجتماع.. وصار بعضهم يلقي باللوم فيها علي المصريين أنفسهم.. وأنا أختلف مع هذا الرأي.. فالنظام الذي يحكم مصر منذ ثلاثين عاما فاسد وظالم بطريقة غير مسبوقة في تاريخنا الحديث.. وقد أدي ذلك إلي فقدان المصريين إلي أي إحساس بالعدالة. فالمصريون لا يتوقعون غالبا أن يعاملوا بعدالة في حياتهم اليومية، ولا يتوقعون غالبا أن يحصلوا علي حقوقهم بمجرد مطالبتهم بها، وربما لا يحصلون عليها أبدا، والمصريون لا يتوقعون أن تعاملهم الدولة بصدق وأمانة ولا أن تهتم بكرامتهم وسلامتهم. وقد تعلموا بخبرتهم المريرة أن الذين يحكمون مصر يديرونها لحسابهم وأولادهم وأتباعهم وليس لمصلحة المواطنين. المصريون فقدوا ثقتهم بالقانون نفسه لأنهم يعيشون الظلم وازدواج المعايير كل يوم.. بدءا من الضرائب التي يتم تحصيلها بالكامل من موظفي الحكومة الفقراء بينما يتهرب منها كبار الأثرياء.. مرورا بملايين الشباب الذين يعانون الفقر والبطالة لدرجة الانتحار أو الهروب في مراكب الموت، فلا تعبأ بهم الدولة بينما تسهل قروضا بالملايين للمقربين من الحكم وتهدي إليهم آلاف الأفدنة من أرض الدولة كهدية مجانية ليستثمروها فتدر عليهم الثروات الخرافية.. ونهاية بضابط الشرطة الذي يعتدي كل يوم علي كرامة المواطنين وإنسانيتهم وأعراضهم فلا يعاقب علي أفعاله وقد يكافأ عليها وبالمقابل تتدخل الدولة علي أعلي مستوي لحماية الكبار الذين تسببوا في قتل المصريين وإصابتهم بالأمراض.. هذا الفقدان للإحساس بالعدالة يملأ نفوس المصريين بالمرارة والكراهية ويؤدي إلي نتيجة خطيرة في أذهانهم، وهي الفصل التام بين الأسباب والنتائج ..فلم يعد الاجتهاد في التعليم يؤدي بالضرورة إلي الحصول علي وظيفة جيدة.. ولم يعد الاجتهاد في العمل يؤدي بالضرورة إلي الترقي.. ولم يعد العمل الجاد الدءوب بالضرورة مفتاحا للثروة ..ولم يعد الصدق والأمانة يؤديان بالضرورة إلي احترام المجتمع.. ولا الكذب والغش يؤديان بالضرورة إلي احتقار الناس أو عقاب القانون ..هذا الخلل الخطير في منظومة القيم أدي بالمصريين إلي نوع من السلوك العشوائي العدواني، غير الملتزم بضوابط أخلاقية ..صار المصريون يتدافعون إلي تحقيق مصالحهم بأي طريقة وأي ثمن ومهما أدي بهم ذلك إلي مخالفة ضمائرهم والاعتداء علي حقوق الآخرين. فالطالب يريد أن ينجح ولو بالغش، وصاحب المستشفي يريد أن يحصل علي الأتعاب من أهل المريض حتي ولو مات من سوء العلاج والإهمال. والبائع يريد أن يكسب حتي ولو باع للناس بضاعة مغشوشة.. حتي قيادة السيارات التي كنا نتعلمها علي أنها فن وذوق وأخلاق.. تحولت إلي نوع من الصراع اليومي الهمجي الشرس الذي لا يهتم فيه أحد بما يسببه من أذي للآخرين.. وقد تعقدت المشكلة عندما اعتنق قطاع كبير من المصريين فهما شكليا وسطحيا للدين، انتقل إلينا كالعدوي الخبيثة من مجتمعات بدوية صحراوية متخلفة بكثير عن مصر في التمدن والحضارة.. وهكذا أصبح كثير من المصريين يستعملون التدين الشكلي غطاء لسلوكهم السيئ.. فهم من أجل تحقيق مصالحهم يتنازلون عن مباديء الدين الحقيقية ويعتدون علي حقوق الناس وفي نفس الوقت يغطون هذا الانحراف بالتشدد في مظاهر الدين وأداء العبادات.. إن المجتمعات كائنات حية، تصح وتمرض مثل أي كائن حي.. والتدهور الأخلاقي الذي نعانيه الآن ليس إلا أحد الأعراض الخطيرة لمرض الاستبداد.. وقد تعلمنا في الطب أنه يستحيل علاج الأعراض قبل أن نعالج المرض ونزيل أسبابه.. لا يمكن أن يستعيد المصريون أخلاقهم الطيبة إلا إذا استعادوا إحساسهم بالعدل.. ولن يتحقق العدل أبدا وهذا النظام السياسي الفاسد جاثم علي صدور المصريين بالقوة، يقمعهم ويزور إرادتهم وينهب حقوقهم ويتسبب في إفقارهم وقتلهم .لن يتحقق العدل إلا بتطبيق ديمقراطية حقيقية.... عندئذ سيستعيد المجتمع صحته ويستعيد المصريون إيمانهم بالقانون والأخلاق..الديمقراطية هي الحل
..

الملكة بلقيس سلاما

تحقيــــق الســــبت الملكة بلقيس‏..‏ سلاما‏!‏بقلم : عـزت السـعدني
جريدة الصنداى تايمز اللندنية نشرت النبأ على صفحة كاملة مع صورة تخيلية للملكة بلقيس و معبدها الراقد تحت رمال المربع الخالى شمال اليمن ثم لقطة للممثلة جينا لولو بريجيدا وهى تؤدى دور الملك بلقيس فى فيلم امريكى
جئت من سبأ بالنبأ اليقين‏..‏ النبأ هو العثور علي مملكة سبأ‏..‏ذلك النبأ الذي أعلنه هدهد سيدنا سليمان عليه السلام قبل ثلاثين قرنا من الزمان‏..‏ وكشف أسراره القرآن الكريم بعد وقوعه بخمسة عشر قرنا‏..‏وصاحب النبأ الخطير إذن‏..‏ هو الهدهد‏..‏ ولأن سيدنا سليمان عليه السلام علمه الله منطق الطير وسخر له أعظم مملكة في الوجود جنودها وناسها وأهلها الإنس والجن والعفاريت والمردة والطير والنمل والنحل والرياح المسخرات‏..‏ كل يأتمر بأمره‏..‏فقد دار حوار في سورة النمل بين نبي الله والهدهد‏..‏ آية في الذكاء والحكمة والفطنة والتفطن‏..‏ أليس كاتب الحوار هو الحق عز وجل‏..‏ والذي أملاه سيدنا جبريل عليه السلام علي نبي الله محمد آخر الأنبياء والمرسلين‏..‏سيدنا سليمان عليه السلام يتمشي في حدائق ملكه العظيم‏..‏ وبساتينه المترامية الأطراف ليري طيوره هل هي في أماكنها أم غادرت أعشاشها‏..‏تفقد الطير فقال‏:‏ مالي لا أري الهدهد‏..‏ أم كان من الغائبين‏..‏وراح سيدنا سليمان يتوعد الهدهد الغائب‏:‏لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه‏..‏ أو ليأتيني بسلطان مبين‏..‏وعاد الهدهد بعد أن مكث غير بعيد فقال‏:‏ أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين‏..‏الخبر الذي قال عنه أستاذنا ومعلمنا أنيس منصور أنه مانشيت صحف الصباح المثيرة‏..‏ باللون الأحمر والبنط الكبير‏..‏ هو‏:‏إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم‏..‏وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون‏...‏نظر سيدنا سليمان عليه السلام في ريبة إلي الهدهد‏:‏وقال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين‏..‏ثم جاء أمر سيدنا سليمان للهدهد‏:‏اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون‏..‏نترك مملكة سليمان في القدس‏..‏ ونذهب إلي مملكة سبأ في شمال اليمن‏..‏ حيث كشف الأثريون النبأ اليقين بالعثور علي أطلال مدينة سبأ تحت تلال الرمال بعد رحلة ضياع وتدمير وخراب عمرها نحو خمسة وثلاثين قرنا من الزمان‏..‏ عندما انهار سد مأرب‏,‏ وأزال من الوجود مملكة سبأ العظيمة قبل الزمان بزمان‏..‏ وحولها إلي أطلال وخرائب أخفتها الرمال عن العيون‏..‏ حتي كشف عنها الستار بعثة أثرية مصرية ـ أمريكية بالأمس القريب‏..‏‏..............‏‏.............‏المشهد قصر مملكة بلقيس قطعة من النور تضيء ظلام قرون العتمة والتخلف والجاهلية الأولي‏..‏ها هي قاعة العرش التي صاغتها وصورتها وابدعتها أيدي أعظم فنانين سبأ العظام‏..‏الملكة بلقيس التي قال عنها السيد المسيح عيسي بن مريم في إنجيل متي‏:‏ إنها امرأة صالحة تبحث عن حكمة سليمان‏..‏ تجلس علي كرسي العرش ومن حولها وزراؤها وقواد جيشها العرمرم‏..‏الملكة بلقيس في يدها كتاب سيدنا سليمان عليه السلام الذي ألقاه الهدهد بأمر من نبي الله‏..‏الملكة بلقيس توجه حديثها إلي كبار رجال مملكة سبأ‏:‏قالت‏:‏ يا أيها الملأ‏..‏ إني ألقي إلي كتاب كريم‏...‏ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم‏..‏ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين‏..‏نظرت الملكة بلقيس إلي كبار رجال دولتها‏:‏قالت‏:‏ يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتي تشهدون‏..‏قالوا‏:‏ نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد‏..‏ والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين‏..‏بمكر ودهاء وخبث المرأة ملكة كانت أم جارية أطلقت فكرتها المكيره‏:‏قالت‏:‏ إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة‏..‏ وكذلك يفعلون‏..‏وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون‏..‏ولكن سيدنا سليمان عليه السلام‏..‏ كان له رأي آخر‏..‏قبل أن نعرف ماذا فعل سيدنا سليمان قبل نحو‏3000‏ سنة‏..‏ تعالوا نذهب إلي سبأ التي ذهبت إليها بعثة اثرية مصرية لتشارك في الكشف الذي هز العالم أيامها‏..‏ عندما أعلنوا نبأ الكشف عن بقايا مدينة سبأ العظيمة عاصمة ملك الملكة بلقيس‏..‏‏...............‏‏..............‏نحن الآن في مدينة مأرب‏..‏هذا الوجه الأشقر المشرب بالحمرة‏..‏ إنه نيك فيلدنج المحرر بجريدة الصنداي تايمز اللندنية‏..‏ ومعه لفيف من الإعلاميين في القنوات التليفزيونية الشهيرة أمريكية وأوروبية‏..‏ وهذه الطويلة الشقراء ذات النظارات الشمسية والقبعة العريضة‏..‏ إنها جين تاكفور نجمة قناة الـ‏A.B.C‏ الأمريكية‏..‏لقد كتب نيك فيلدنج مندوب الصنداي تايمز اللندنية خبر النبأ اليقين تحت عنوان‏:‏رمال اليمن تكشف عن عاصمة مملكة سبأدفعت بالجريدة ـ التي تحمل أول تفاصيل النبأ اليقين الذي أعلنه هدهد سيدنا سليمان عليه السلام قبل نحو‏30‏ قرنا من الزمان‏..‏ ليتحول إلي حقيقة تطل برأسها من بين التلال والتراب والرمل والحجارة ـ إلي الزميلة المترجمة أمل الشريف‏..‏ ليصبح الخبر الأول في صحف وإذاعات وتليفزيونات وفضائيات العالم كله‏..‏ وكيف لا؟فقد ظهر إلي الوجود هرم الملكة بلقيس ومعبدها المعروف بمعبد القمر‏..‏ وأطلال عاصمتها سبأ‏..‏ التي أنشأت فيها أول سد مائي في الوجود‏..‏ حماها من الغرق‏..‏ وصنع منها جنة الأرض بأشجارها وأؤكلها وثمارها وزرعها‏..‏ حتي إنهم في العالم القديم لقبوها بــ ريحانة الأرض‏!‏قال لي رفيق الطريق د‏.‏ زاهي حواس‏:‏ هذا الكشف عن مملكة سبأ يعد فتحا جديدا في تاريخ ملكة تحدث عنها القرآن الكريم ودار من حولها حكايات واساطير‏.‏ماذا كتب محرر الصنداي تايمز عن الكشف المثير؟خرجت إلي النور مملكة سبأ‏..‏ بعد‏3‏ آلاف عام من الظلام‏..‏هذا الكشف ربما يوازي أو يساوي اكتشاف مدينة بومبي في إيطاليا الذي دفنها البركان قبل الميلاد بـ‏50‏ عاما بآلاف الأطنان من الطين‏..‏ فبقي سكانها علي حالهم كما كانوا يعيشون‏,‏ ولكن بعد أن تحولوا إلي تماثيل بشرية ولكن من الطين الأسود‏!‏وربما يساوي الكشف عن مملكة سبأ‏..‏ خبر إزاحة الستار عن تمثال أبوالهول من بين ثنايا الرمال‏..‏ أو الكشف عن معابد الأكربوليس في أثينا‏..‏ماذا بقي من مملكة سبأ التي هاجمها فيضان المياه بعد تحطم سد مأرب في القرن السادس بعد الميلاد؟إنني أري أمامي في مأرب هرم الملكة بلقيس‏..‏ ليس هرما بالمعني المعروف مثل الهرم الأكبر في مصر‏..‏ ولكنه بقايا هرم تحطم وما بقي منه هو مجرد أطلال هرم قزم‏..‏ أعمدة حجرية وسياج أثري ضخم‏..‏ولكن أين معبد القمر؟إنه معبد الملكة بلقيس‏..‏ إنه مدفون في الربع الخالي في شمال اليمن‏..‏ وهو الآن قطع من حجارة وأوان فخارية ونقوش جدارية‏..‏ والباقي وهو نحو‏99%‏ من آثار مدينة سبأ‏..‏ مازال مدفونا تحت رمال عمقها تسعة أمتار‏..‏ من الصعب إزالتها كلها بضربة فأس أو طرقة معول‏..‏ إنها تحتاج سنين عددا‏..‏نسأل‏:‏ يعني كل ما كشف عنه النقاب الآن لا يتجاوز نسبة واحد في المائة؟الجواب للدكتور وليام جلانس مان كبير الأثريين الذين يبحثون عن كنوز مملكة سبأ‏:‏ نعم‏..‏ لم نعثر إلا علي واحد في المائة فقط‏!‏‏..................‏‏..................‏نترك موقع الحفر والغبار المتطاير والشمس المحرقة‏..‏ فأنت تقف الآن فوق رمال الربع الخالي العظيم الممتد ليشمل بلدان المملكة العربية السعودية‏,‏ واليمن والبحرين‏..‏ وتحته كنوز تفوق خيال كل مؤرخ‏,‏ وكل أثري‏,‏ وكل من يشتغل بصناعة الأفلام‏..‏تحته مدينة إرم مازال العباد التي وصفها الحق عز وجل في كتابه العزيز بأنه لم يخلق مثلها في البلاد‏..‏وهنا ترقد أطلال عاد وثمود‏..‏ مدينتا قوم سيدنا هود‏..‏ وسيدنا صالح‏..‏الأثريون وليس رجال الدين والتفسير والشريعة يقولون عن مملكة سبأ‏:‏ إنها كانت تمتد في قلب الصحراء ويشمل ملكها وحدودها شاطئ البحر الأحمر علي الجانبين ومعها إثيوبيا والصومال‏.‏ولكن قد تسأل خبيثة من خبثاء هذا العصر‏..‏ وما أكثرهن‏:‏ من أين جاء اسم بلقيس؟القرآن الكريم قال عنها علي لسان الهدهد‏:‏ إني رأيت امرأة تحكمهم‏..‏القرآن الكريم لم يذكر اسم امرأة قط إلا العذراء مريم عندما قالت أمها‏:‏ إني سميتها مريم‏..‏ وعندما قال الحق‏:‏ يامريم اسجدي واركعي‏.‏ لقد ذكر القرآن اسم مريم سبع مراتحتي أمنا حواء لم يذكر المولي عز وجل اسمها‏,‏ بل قال عنها الحق عز وجل مناديا آدم‏:‏ ادخل أنت وزوجك الجنة‏.‏الاسم جاء في العهد القديم من الكتاب المقدس‏..‏وفي العهد الجديد في إنجيل متي عندما قال عنها كلمة الله في الأرض السيد المسيح عيسي بن مريم عليه السلام ـ وأرجو ألا أكون مخطئا ـ‏:‏ بلقيس إنها امرأة صالحة تبحث عن حكمة سليمان‏..‏‏...............‏‏..............‏متي حكمت الملكة بلقيس مملكة سبأ؟ومتي جري لقاؤها الميلودرامي المثير مع سيدنا سليمان عليه السلام؟القرآن الكريم لا يسجل تواريخ‏..‏ ولا يذكر أسماء‏..‏ إلا أسماء الأنبياء‏.‏ولكن الكتاب المقدس يقول‏:‏ إن بلقيس ملكة سبأ التقت بسيدنا سليمان عليه السلام في الفترة بين‏950‏ و‏930‏ قبل الميلاد‏.‏ويقولون‏..‏ ويقولون‏..‏ وما أكثر ما يقال في لقاء ملكي مثير يجمع بين أقوي ملوك الأرض‏,‏ وهو في الوقت نفسه نبي كريم وهبه الله موهبة الحديث إلي الطير‏,‏ وكل الكائنات الحية خارج نطاق الإنسان‏..‏ وسخر له الطير والرياح والجن والعفاريت‏..‏ وبين ملكة لمملكة عظيمة هي مملكة سبأ وهبها الله الجمال والثروة والسلطة والملك معا‏..‏تقول الأساطير وليس الكتب المقدسة‏:‏ إن الملكة بلقيس ذهبت للقاء سيدنا سليمان في عاصمة ملكه بعد رسالة الهدهد لكي تلقي علي سليمان النبي أسئلة محيرة في الدين والدنيا وأصل الكون‏..‏ ومن هو الله وما هي صفاته؟وهل هناك بعث للإنسان بعد موته؟‏..‏ وما هو موعد هذا البعث‏..‏ يعني ما موعد يوم القيامة؟وقالوا‏..‏ إن الملكة بلقيس ذهبت للقاء سيدنا سليمان عليه السلام‏..‏ لأسباب اقتصادية‏..‏ وذلك لعقد صفقات تجارية وللسماح لها باحتكار تجارة البخور والصمغ والحرير دون أن تقف في طريقها جيوش سليمان الجرارة‏!‏ولم تترك الألسنة طوال ثلاثين قرنا الملكة بلقيس وسيدنا سليمان في حالهما‏..‏بل قالوا إن حالة انسجام ورومانسية وحب نشأت بينهما‏,‏ الأمر الذي أوحي للرسامين العالميين برسم لوحات كلاسيكية بريشة ليوناردو دافنشي‏,‏ ومايكل أنجلو‏,‏ تصورهما في صورة عاشقين‏,‏ ثم جاءت السينما لتخرج فيلمها الشهير عنهما بعنوان سليمان وملكة سبأ‏,‏ وقد قام بدور سيدنا سليمان الممثل الكبير يول بلاينر صاحب أشهر صلعة في تاريخ السينما الأمريكية‏,‏ وقامت بدور بلقيس ملكة سبأ الممثلة الايطالية جينا لولو بريجيدا التي ظهرت بكل أسف طوال الفيلم في ملابس الراقصات الغواني‏!‏وآخر ما خرجت به جعبة الأساطير التي نسجت قصصا خيالية ما أنزل الله بها من سلطان‏..‏ هذه هي أسطورة إثيوبية تقول‏:‏ إن بلقيس ملكة سبأ قد عادت من زيارتها للقدس عاصمة ملك سيدنا سليمان عليه السلام‏..‏ بعد أن حملت من سيدنا سليمان بطفل اسمه منيليك الذي أنشأ فيما بعد الممالك الإثيوبية‏!‏يا سلام سلم‏..!‏‏...............‏‏...............‏أسأل‏:‏ وما هي حصيلة الحفريات التي قامت بها البعثة الأمريكية حتي الآن؟الجواب للبروفيسور وليام جلانس مان‏:‏ لقد استخدمنا الرادار لمعرفة خبايا الرمال التي يصل عمقها إلي نحو تسعة أمتار‏..‏ ووجدنا مباني سليمة تماما‏,‏ وقطعا أثرية‏,‏ وجداريات منقوشة وملونة‏,‏ ولكن المعبد الأصلي‏,‏ وهو معبد القمر‏,‏ أعتقد أنه موجود وسط مناطق الحقول الزراعية الخصبة التي كان يرويها سد مأرب‏,‏ قبل أن ينهار في القرن السادس الميلادي قبل نحو‏1400‏ سنة‏!‏‏.......................‏‏.......................‏ونصل إلي المشهد الأخير البالغ الإثارة والتشويق‏..‏ المفعم بالحكمة والفطنة وآيات الدين‏.‏لقد أرادت بلقيس أن تقيس درجة حكمة وقوة وبأس وإيمان سيدنا سليمان‏..‏ فأرسلت هدية من عندها للنبي العظيم‏..‏ لتري معدن الرجال فيه وخلق الأنبياء لديه‏..‏ولكن سيدنا سليمان قال‏:‏ لها ولقومها بل أنتم بهديتكم تفرحون‏!‏ثم نادي الهدهد الطيب العجيب قائلا له‏:‏ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها‏..‏ ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون‏..‏ثم جلس سيدنا سليمان عليه السلام بين رجال دولته في مقعد صدق وحق وبصيرة‏,‏ ومن حوله الإنس والجن مصطفين ليرد لها الصاع صاعين‏..‏ قال‏:‏ يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين‏..‏قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك‏,‏ وإني عليه لقوي أمين‏..‏قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك‏...‏فلا رآه مستقرا عنده‏,‏ قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر‏,‏ ومن شكر فإنما يشكر لنفسه‏,‏ ومن كفر فإن ربي غني كريم‏...‏قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون‏..‏فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين‏..‏وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين‏..‏قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير‏,‏ قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين‏..‏القرآن الكريم قال كلمته في قصة الملكة بلقيس وسيدنا سليمان‏..‏تري هل انتهت حكاية بلقيس وسليمان عليه السلام؟مازال تحت الرمال أسرار‏..‏بل كنوز من الأسرار والحجايا والحكايا والخفايا لا أول لها ولا آخر‏..‏ وإنا لمنتظرون‏
!

Saturday, November 15, 2008

هواية إذلال المصريين بقلم علاء الأسواني

علاء الأسوانيمنذ أن كتبت في الأسبوع الماضي عن مأساة الطبيبين المصريين اللذين حكم عليهما ظلما في السعودية بالسجن لمدة عشرين عاما و15 عاما مع 1500 جلدة لكل منهما .. وخطابات القراء تنهال علي حاملة قصصا مؤلمة عن اضطهاد المصريين ومعاناتهم في السعودية .. والحق أن ظاهرة إذلال المصريين في السعودية تحمل أكثر من معني أولا: إن النظام المصري الذي تسبب باستبداده وفساده في طرد ملايين المصريين بحثا عن لقمة العيش التي لم يجدوها في بلادهم ، نفس هذا النظام يتقاعس بشكل مشين عن نصرة المصريين عندما يلحق بهم الظلم خارج الوطن..
ولا أعرف ما فائدة وجود السفارة المصرية في السعودية وما وظيفة أعضائها بالضبط إذا كانوا يتركون المصريين يهانون بهذا الشكل ولا يحركون ساكنا؟! ثانيا: إن الحكومة السعودية مازالت تقدم نفسها باعتبارها تمثل الإسلام بل وتغطي أحكامها الجائرة ضد المصريين بغطاء الشريعة الإسلامية وهي منها براء ..ثالثا: يبدو أن إذلال المصريين بالذات يحقق متعة خاصة لبعض السعوديين .. فمصر العظيمة التي قدمت معظم ما هو جدير بالذكر في الثقافة العربية وفي التاريخ العربي.. قد انحدر بها الحال حتي صار أبناؤها يعاملون كالخدم أو ربما أقل من الخدم.. ولقد اخترت هذا الخطاب الذي وصلني من شاب مصري مدعما بالمستندات ..وهو مجرد مثال واحد علي المعاملة المهينة الجائرة التي يلقاها المصريون في بلاد تتحدث كثيرا عن الإسلام ونادرا ما تنفذ مبادئه الحقيقية.الحمد لله أني خرجت من هذا البلد الظالم لأهله طالعت بمزيد من الاهتمام مقال سيادتكم في جريدة الدستور بتاريخ اليوم 5/11/ 2008 عن أوضاع المصريين بالسعودية ومدي التنكيل الذي يعانون منه، وإليك يا سيدي قصة أخري موثقة بالمستندات وإنني أعطي لسيادتكم الصلاحيات الكاملة لما التمسه من أمانة في مقالاتك وكتاباتك الحرة والجريئة أن يكون هذا بمثابة بلاغ رسمي وشعبي ضد المملكة العربية السعودية بلا خوف.أولا: أنا حاصل علي ماجستير تربية رياضية وقد تعاقدت مع شخص سعودي يسمي سعد علي سعيد القحطاني للعمل لديه كمدرب لياقة بدنية في مركز رياضي يمتلكه تحت اسم مركز الشلال الرياضي بالمملكة العربية السعودية ولن أحكي لك عن المهانة في المعاملة والسكن غير الآدمي فكل هذا غير موثق بالمستندات، ولكن إليك الأشياء الموثقة بالمستندات والشهود.بعد أن انتهت فترة الثلاثة أشهر الاختبار ومن بعدها يصبح العقد ساريا حسب بنود العقود فوجئت بصاحب العمل يجبرنا علي العمل لساعات إضافية كما أنه امتنع عن علاجي علي نفقته طبقا لبنود العقد وكلما طالبته بكل ذلك ظل يماطلني لمدة أربعة شهور أخري وفي النهاية قال لي مالكش حاجة عندي فتوجهت إلي مكتب العمل بمنطقة ابها بالسعودية معي صورة رسمية من الشكوي المقدمة برقمها وتاريخها فلم يفعلوا لي شيئاً وتوجهت بشكوي أخري لأمير منطقة عسير التابع لها مقر عملي فلم يفعلوا شيئاً ومن بعدها فوجئت بالكفيل السعودي بمساعدة الشرطة بالقبض علي في شهر رمضان وقاموا بنقلي إلي مركز شرطة خميس مشيط وتعرضت لتعذيب فاق الحد ونحن في شهر رمضان وفي بلد من المفروض إنه بلد الإسلام وتعرضت لإرهاب وتهديد بتلفيق قضايا كثيرة منها أبدا وإلا النزول إلي مصر دون حصولي علي مستحقاتي وبالفعل وافقت علي السفر بدلا من البهدلة يوجد شاهد اسمه دكتور محمود محروس وهو حاليا موجود بأرض مصر والحمد لله إنني خرجت من هذه البلد الظالم أهلها، الذين يتشدقون بالقانون، ولي العديد من الأسئلة للنظام الحاكم في السعودية وخاصة وزير العمل ووزير الداخلية السعودي.أولا: أنا سافرت بعقد عمل موثق من القنصلية السعودية فكيف لا آخذ حقي وأوراقي كلها سليمة.ثانيا: كيف يتم سفري من السعودية بتأشيرة خروج نهائي دون أن أوقع علي مستند يفيد أنني حصلت علي كل مستحقاتي حسب القانون السعودي.ثالثا: كيف يتم احتجازي داخل القسم بدون تهمة وإكراهي علي مغادرة البلد دون حصولي علي باقي مستحقات فترة العقد راتب 17 شهراً. حسب القانون السعودي وتعرضي للتعذيب والإهانة يابلد القانون ولقد أرسلت شكوي عقب عودتي إلي السفارة السعودية ولم يتم حتي استدعائي لأخذ أقوالي عزيزي الأستاذ الفاضل إننا شعب مهان في خارج أوطاننا علي الرغم من سلامة عقودنا في الخارج لدي جميع المستندات الدالة علي صدق أقوالي.......... ولله الأمر من قبل ومن بعد في هذا الشعب الذي يتشدق بالدين والقانون....ملحوظةاسمي لديكم ورقم هاتفي أرجو إعطاءه إلي أي جهة تريد التحقيق في الأمر .

Tuesday, November 4, 2008

الغارة على سوريا فضحتنا بقلم فهمي هويدي

الخبر السيئ أن سوريا تعرضت لعدوان عسكري أمريكي. أما الخبر الأسوأ فإن العالم العربي وقف إزاءه ذاهلا ومشدوهاً. والبيانات التى صدرت عن عواصمه الكبرى جاءت خجولة على نحو محزن، جاء كاشفاً عن عمق أزمة البيت العربي. (1) الخبر أعلن على الملأ مساء الأحد قبل الماضي (26/10) على لسان مصدر سوري، أن أربع مروحيات أمريكية هاجمت في الساعة الرابعة بعد الظهر منطقة البوكمال، التي تبعد ثمانية كيلومترات عن الحدود مع العراق. وقامت بإنزال مجموعة من جنود القوات الخاصة، الذين هاجموا مزرعة السكرية، واقتحموا مبنى مدنياً قيد الإنشاء، حيث أطلقوا النار على العمال الموجودين بداخله، ما أدى إلى سقوط ثمانية شهداء، بينهم زوجة الحارس. وبعد انتهاء العملية غادرت المروحيات الأراضي السورية إلى قواعدها في العراق، دون أن تتصدى لها أية دفاعات جوية. في وقت لاحق نقلت وكالات الأنباء عن مسؤول أمريكي قوله ان القوات التي نفذت الغارة قتلت زعيم أخطر شبكة لتهريب المسلحين والأسلحة والأموال في سوريا إلى العراق. وذكر المسؤول أن الزعيم الذي يظن أنه قتل يدعى "أبوغادية"، ويعد من أكبر مهربي المقاتلين الأجانب، وقال المتحدث باسم حكومة بغداد ان منطقة البوكمال كانت مسرحاً لنشاطات تنظيمات معادية للعراق، تنطلق من سوريا. السبب الذي بررت به المصادر المختلفة العملية لم يكن مقنعاً، لأنها تمت فى الوقت الذي تعددت فيه الإشارات الأمريكية الى تقدير الجهود السورية المبذولة للحد من عمليات التسلل إلى العراق عبر الحدود. ونقل عن جنرال عسكري أمريكي قوله ان معدل تسلل المقاتلين "الأجانب" تراجع إلى حد كبير، بحيث وصل مؤخراً إلى حوالي 20 شخصاً فقط في الشهر، في حين كان المتوسط الشهري 120 متسللاً قبل عام. كما أن الغموض ظل يكتنف الهدف من العملية. فمن قائل بأنه أريد بها تعزيز موقف السناتور ماكين مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة، ورفع أسهمه في سباق الأيام الأخيرة قبل الاقتراع. وقائل بأن الرسالة أريد بها "شد أذن" السوريين. وتذكيرهم بأن بيتهم من زجاج، وأن الذراع الأمريكية يمكن أن تطوله في أي وقت، وهناك من قال ان الرسالة موجهة للإيرانيين. الذين يزعجون الأمريكيين في العراق، ويعطلون توقيع الاتفاق الأمني بين بغداد وواشنطن. باعتبار أنه إذا كان المبنى الذي قصف في سوريا بحجة أنه كان مأوى "للإرهابيين"، فإن الحجة ذاتها يمكن استخدامها في مواجهة إيران لأنها متهمة بأكثر من إيواء الإرهابيين. اقصد بالتمويل والتدريب والتسليح وغير ذلك. (2) أياً كانت الذرائع أو الخلفيات فالقدر الثابت أن الولايات المتحدة لم تتردد في إرسال طائراتها لاختراق الأجواء السورية، والقيام بإنزال عسكري على أراضي دولة لها سيادتها، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي. وهذا الذي فعلته واشنطن بحق سوريا، سبق أن أقدمت عليه في اليمن والصومال وأفغانستان وباكستان، حيث قامت قواتها بقصف أهداف مختلفة بحجة محاربة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين، دون أدنى احترام لسيادة الدول أو حرمة حياة مواطنيها. وهو مسلك لا يهدر فقط أسس التعايش بين بني البشر التي أقرها المجتمع الدولي منذ إنشاء "عصبة الأمم" في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وإنما أيضاً يعبر عن مدى الهوان الذي أصبح يعيش في ظله العالم العربي والإسلامي، فلا احترام لسيادته او كرامته ولا اعتبار لشعوبه، التي يمكن أن تطولها العربدة الأمريكية في أي وقت ولأي سبب. ونموذج الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين التي تساندها واشنطن، مرشح للاستنساخ في علاقة الولايات المتحدة بالعرب والمسلمين حيث وجدوا، الأمر الذي يعني أن أي تمرد على الهيمنة الأمريكية أو المقاومة لها، مرشح لأن يقمع على الفور، بالقوة المسلحة وبالطائرات التي تسير بلا طيار. المسألة تتجاوز استباحة العالم العربي والإسلامي والازدراء به. إلى تأسيس مرحلة جديدة في العلاقات الدولية تتصور الولايات المتحدة في ظلها أنها أصبحت القطب الأوحد، وأن ذلك يخول لها أن تقدم إرادتها ومصالحها على كل ما في مبادئ القانون وميثاق الأمم المتحدة، خصوصاُ ما كان منها متعلقاً بسيادة الدول على أراضيها. وقد اعتبرت الإدارة الأمريكية ان عنوان الحرب ضد الإرهاب مسوغاً للانقلاب على فكرة منع التدخل في شؤون الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة، والانتقال إلى "حق" التدخل بدعوى الأسباب الإنسانية، وتوجيه "الضربات الاستباقية" لإجهاض المخططات الإرهابية. وهو السلوك الذي حذت روسيا حذوه في اجتياح جورجيا. ويخشى أن تنتقل عدواه إلى الدول الأخرى التي تستشعر قوة وتفوقاً في محيطها فتستخدم عضلاتها تلك في فرض إرادتها على جيرانها الضعفاء، الأمر الذي ينتكس بالعالم إلى الوراء. ويعيد إلى الواجهة شريعة الغاب مرة أخرى. (3) أصداء الغارة على سوريا تحتاج إلى دراسة وتحليل. فأقوى وأسرع تلك الأصداء عربياً جاءت من لبنان عن رئيس وزرائه فؤاد السنيورة، الذي أصدر مكتبه بياناً شديد اللهجة، اعتبر ما جرى اعتداءً خطيراً، مداناً ومرفوضاً وغير مقبول، مهما كانت الحجج التي سيقت لتبريره. أما أقوى الأصداء العالمية فقد خرجت من موسكو التي أدانت العملية، واعتبرت تأثيرها سلبياً وحاداً على المنطقة، على نحو خطر يهدد الاستقرار فيها. خارج هذه الدائرة، فإن ردود الأفعال العربية كانت فاترة بصورة مدهشة. فمصر مثلاً أصدرت بياناً على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، أعتبر العملية خرقاً جسيماً لسيادة سوريا على أراضيها، وأعرب عن الأسف لوقوع ضحايا مدنيين من جرائها، وقدم التعازي لسوريا وأسر الضحايا. كما أضاف البيان أن مصر تهيب بجميع الأطراف بضرورة الامتناع عن أي أعمال أو إجراءات أو تحركات من شأنها زعزعة الاستقرار في الإقليم أو أي دولة من دوله، والالتزام بمبادئ حسن الجوار( الأهرام 28/10/2008). بيان المتحدث الرسمي فاجأنا بأنه خلا من أي إدانة للغارة، التي وصفها بأنها "خرق جسيم" لسيادة سوريا، وذلك وصف وليس حكماً أو تقييماً. ثم انه أهاب بالأطراف المختلفة أن تمتنع عن كل ما من شأنه زعزعة استقرار المنطقة. وهي صيغة غريبة ساوت بين القاتل والقتيل، ووضعتها على قدم المساواة. إذ طبقاً للبيان فإن الجاني الولايات المتحدة، وسوريا المجني عليها يتحملان المسؤولية، ومطلوب منهما معاً أن يمتنعا عما من شأنه زعزعة الاستقرار. السعودية التزمت صمتاً مثيراً للانتباه، الأمر الذي لا يفسر إلا بأنه تعبير عن عمق الأزمة بين الرياض ودمشق. التي كانت مقاطعة القمة العربية الأخيرة في العاصمة السورية من تجلياتها. والتجاهل السعودي للموضوع لم يمنع بعض الصحف المحسوبة عليها من الغمز في قناة سوريا والشماتة فيها. وكان ذلك واضحاً في تعليق رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" على الموضوع. فقد كتب (في 29/10) مقالاً وجه فيه النقد لسوريا وليس للأمريكيين. إذ تحدث عن ورطة ضرب سوريا. وقال ان جل ما أعتقد (السوريون) أنه أوراق في يد دمشق تستطيع استخدامها عربياً ودولياً، مع الأمريكيين والإسرائيليين وكذلك مع الأوروبيين، قد احترق بيد السوريين قبل استخدامه. بقية الأصداء العربية كانت عادية، وظلت تدور في فلك الإدانة والشجب، بما في ذلك بيان الجامعة العربية، التي كان يفترض أن يتوجه أمينها العام إلى دمشق في اليوم التالي للغارة مباشرة، تعبيراً عن التضامن والمساندة السياسية على الأقل. إلا أنه كان في القاهرة مجتمعاً مع الرئيس الإيطالي، ومهتما بمشاركة الجامعة في اجتماعات الاتحاد من أجل المتوسط، وفي اليوم الذي يليه طار إلى الكويت لحضور اجتماعات المؤسسات المالية العربية! (4) ليست هذه المرة الأولى التي تنكشف فيها عورة الموقف العربي، إلى الحد الذي نجد فيه أن إدانة عواصمه لأي عملية فدائية ضد إسرائيل أصبحت أقوى من إدانة العدوان الأمريكي على سوريا. كما أنها ليست المرة الأولى التي نلحظ فيها السقوط المدوي لفكرة "التضامن العربي". فقد تكررت أمثال هذه المشاهد في مواقف عدة من قبل، كان الموقف من المشاركة في قمة دمشق من أشهرها. ونحمد الله أن محاضر اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية لا تنشر على الملأ، لأنها تفضح حقيقة الخلافات بين الدول العربية، حتى يبدو أن التضامن الوحيد في العالم العربي ليس متحققاً إلا في اجتماعات وزراء الداخلية العرب التي تنعقد بانتظام مشهود في تونس!. هذه الخلافات المستحكمة أصابت في مقتل نظرية الأمن القومي العربي، فانكشفت دوله حتى فقدت هيبتها، وأصبحت مستباحة لكل من هب ودب من المستكبرين والمتغطرسين. وما تفعله إسرائيل بالعرب والفلسطينيين شاهد على ذلك، وما يتعرض له السودان من تمزيق واغتصاب شاهد آخر، وما حل بالعراق شاهد ثالث، والعبث بلبنان شاهد رابع، والعدوان على سوريا أحدث الشواهد. من النتائج البائسة التي ترتبت على ذلك أن انفراط الصف العربي أضعف الوشائج التي تربط بين شعوب الأمة، حتى سرب إليها حالة من الانصراف عن الشأن العام، ولعب الإعلام الموجه دوراً خطيراً في ذلك. وإذا استثنينا قضية فلسطين التي مازالت حاضرة بدرجة او اخرى في وجدان الأمة ــ دعك من بعض أنظمتها ومثقفيها ــ فإن الشارع العربي أصبح أكثر انفعالاً بالقضايا المحلية، حتى أصبحت مصر مثلاً مشغولة بقضية هشام طلعت مصطفى والفنانة اللبنانية سوزان تميم أو بانهيار الصخور في الدويقة، وبمباريات الأهلي والزمالك، في حين تتعامل بعدم اكتراث مع الحاصل في غزة أو السودان أو سوريا ولبنان. لست أشك في أن غياب دور مصر، وانكفاءها التدريجي خلال ربع القرن الأخير على الأقل حول العالم العربي إلى سفينة بلا ربان، وجسم بلا رأس، الأمر الذي كان له إسهامه الكبير في حالة الانفراط الراهنة. وهو ما يبرز الحاجة الملحة إلى ظهور "مخلّص" يجمع شمل العرب وينقذهم من التشرذم والضياع. ومن المفارقات أن هذه الدعوة أطلقها أيضاً وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر، الذي كتب مقالاً عنوانه كالتالي: "الحاجة إلى جان مونيه عربي". وهو ما لفت انتباهنا إليه المثقف اللبناني البارز رغيد الصلح، في مقالة نشرتها له صحيفة "الحياة" اللبنانية (في 30/10)، وجان مونيه هذا رجل فرنسي ولد قبل 120 عاماً، وظل يناضل طول حياته دفاعاً عن الحلم الأوروبي، حتى اعتبر الأب الشرعي للاتحاد الأوروبي الراهن، وأطلق عليه اسم "مواطن الشرف الأوروبي الأوحد". الوزير الألماني السابق لم يجد سبباً لاستمرار تشرذم العالم العربي، واعتبر أن ظروفاً كثيرة تستدعي التئام صف دوله وتعاونها فيما بينها، خصوصاً أن المشتركات فيما بينها أقوى بكثير مما هو متوافر لأي مجموعة إقليمية أخرى. وقد تحدث عن التحدي البيئي الذي يستدعي تعاون الدول العربية فيما بينها، وكان ذلك قبل بروز شبح الأزمة الاقتصادية العالمية التي لابد أن تؤثر على العالم العربي، خصوصاً دول النفط منه، الأمر الذي يضيف سببا قويا آخر للتنسيق والتعاون العربيين. حين وقعت على مقالة السيد فيشر قلت، لماذا لا يسدي الرجل لنا خدمة، ويقوم من جانبه بدور جان مونيه، بحيث يقنع الزعماء العرب بوجهة نظره؟!

Saturday, November 1, 2008

ليت البابا ما تكلم في برنامج اتكلم

فهمي هويدي
الذين يقدرون البابا شنودة ويعتزون ببعض مواقفه الوطنية، تصيبهم بعض تصريحاته بالحيرة، فتلجم ألسنتهم وتكاد تجمد مشاعرهم الدافئة نحوه، وبعض ما قاله يوم الإثنين الماضي 27/10 علي شاشة التليفزيون المصري «في برنامج اتكلم الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي» يعد نموذجاً لتلك التصريحات، إذ حين سئل عن رأيه في محاضرة الأنبا توماس ـ أسقف القوصية وعضو المجمع المقدس ـ التي ألقاها في معهد هيودسون بالولايات المتحدة «المرتبط بالمحافظين الجدد وإسرائيل»، فإنه تحدث باقتضاب مثيراً ثلاث نقاط، هي: أن المحاضرة تاريخية، وتتحدث عن تاريخ المسيحيين في مصر منذ عهد الفراعنة وأنه لم يقرأها جيداً «كلمة كلمة» وأن كاتبا من بلدة الأسقف يحرض المسلمين عليه بسببها.لم أصدق ما سمعته من البابا شنودة لأول وهلة: فكذبت أذني واتصلت ببعض من أعرف هاتفيا للتأكد من حقيقة ما قاله، فتلقيت ردوداً شاركتني الحيرة والدهشة، وأكدت أن الكلام صدر فعلاً عن البابا، ولأن كثيرين ربما نسوا تفاصيل المحاضرة التي ألقاها الأنباء توماس في شهر يوليو الماضي، أجدني مضطراً إلي تلخيصها لتبيان خطورة الأفكار والآراء التي تضمنتها، ليس فقط علي نسيج الجماعة الوطنية المصرية، ولكن أيضاً علي تاريخ الكنيسة الأرثوذوكسية الوطني والمشرف، وكنت قد أشرت إلي مضمون تلك المحاضرة في هذه الزاوية «يوم 22 يوليو» في تعليق كان عنوانه: «طعنة للجماعة الوطنية»، تساءلت في ختامه عن موقف عقلاء المثقفين الأقباط منها، وعبرت عن دهشتي إزاء سكوتهم عما جاء فيها.لقد اعتبر الأنبا توماس أن أكبر معضلتين تواجهان المجتمع المسيحي في مصر هما التعريب والأسلمة، وقال إن القبطي يشعر بالإهانة إذا قيل له إنه عربي، كما أن الأقباط يشعرون بالخيانة من جانب إخوانهم في الوطن «يقصد المسلمين» بعدما أهانوا ثقافتهم وسرقوا فنونهم وزوروا تاريخ مصر، وأن الأقباط يترقبون اليوم الذي تعود فيه البلد إلي جذورها القبطية. مما قاله الأنبا توماس أيضاً أن الأقباط يتعرضون للاعتداء والاضطهاد في مصر، وأن من حقهم الدفاع عن أنفسهم، الأمر الذي يسوغ لهم طلب التدخل الأمريكي لحمايتهم.. إلخ!!هذا الكلام الخطير الذي ينسف أسس التعايش حين ينقل عن أسقف القوصية، فإن أول ما يتوقعه المواطن العادي أن يتم التحقق من صدوره عن الرجل، من خلال الرجوع إلي نص المحاضرة وتسجيلاتها، وإذا ثبتت صحة الكلام المنقول فلا أقل من أن يساءل الرجل ـ كنسياً علي الأقل ـ ويطالب بإيضاح موقفه، ومن واجب الكنيسة أن تحدد موقفها بدورها مما ثبت صدوره عن عضو مجمعها المقدس، إساءة منه للبلد بأسره وللكنيسة بوجه أخص، وحين لا يحدث شيء من ذلك، فلابد أن يصاب المرء بالدهشة، أما حين يصف البابا هذا الكلام بأنه «تاريخ» فإن ذلك لا يحيرنا فقط، وإنما يصدمنا أيضاً، وتتضاعف الدهشة حين نسمع من البابا أنه لم يقرأ محاضرة الأنبا توماس كلمة كلمة، في حين أنه كان يتابع أثناء مرضه في أمريكا تفصيلات ما جري ببني سويف بين العرب ورهبان دير أبوفانا، كما أننا لابد أن نستغرب من أنه من بين حوالي مائة تعليق نشرتها الصحف المصرية خلال الصيف علي محاضرة الأنبا توماس، فإنه غمز في واحد واختصه بالذكر، حين قال إن كاتباً من بلدة الأسقف يحرض المسلمين عليه، ولأن بلدة الأسقف هي القوصية، فإن الكاتب القبطي المعروف الوحيد فيها هو جمال أسعد، وقد كان أحد المائة الذين انتقدوا الأسقف، من منطلق وطني وعروبي صرف، وكان كلامه دفاعاً عن وحدة الجماعة الوطنية وتعزيزاً للتعايش بين المسلمين والأقباط، وليس تحريض المسلمين علي القمص، في حين تبدو إشارة البابا وكأنها تحريض للأقباط علي الرجل المعروف بنزاهة مواقفه الوطنية، ناهيك عن أن الغضب والاستفزاز من كلام الأنبا توماس لا يحتاج إلي تحريض من أحد.إن مقام البابا واحترامنا له يمنعاننا من الذهاب إلي أبعد في التعبير عن الاستياء مما صدر عنه في برنامج «اتكلم» ـ ليته ما تكلم!