" إذا كثرت الحملان الشاردة كثر الذئاب " مكسيم جورجي
" هل من المعقول أن يسجل عام واحد هو عام 2006 هذا الرقم الخرافي في عدد حوادث خطف البنات 140 حادثة كل يوم "
· انفلت العيار واختلط الحابل بالنابل وتحولت الشوارع والأزقة والحارات والطرق والمسالك والدروب وفي أي ساعة من ليل أو نهار أو صبح أو مساء أو عشية و ضحاها إلى ساحات قنص وصيد .. الذئاب تتربص وتتحين وتخطط لتقفز على فريستها من الحملان اللاهية أو العارية أو النائمة لتنهش لحمها وتنتهك عرضها وتغتصب شرفها ونحن عن بناتنا ونسائنا وأطفالنا وشرفنا ودمنا لاهون نغط في نوم عميق حتى إن شخيرنا يكاد يوقظ الأموات في ظلمة القبور، انفلت العيار أيها السادة وهل هناك انفلات للعيار أكثر من أن يصبح رصيدنا في بنك التحرش الجنسي والإغتصاب 52 ألف قضية في سنة 2006 وحدها حسب تقارير أجراها المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية يا ساتر استر ... يعني نحو 4300 قضية اغتصاب وتحرش كل شهر يعني 140 قضية اغتصاب وتحرش كل يوم يعني 6 قضايا اغتصاب وتحرش كل ساعة يعني قضية اغتصاب وتحرش جنسي كل عشر دقائق ! *
بعد أن كان الرقم قبل عشر سنوات نحو عشرة آلاف حالة اغتصاب كل سنة، وإذا نحن وضعنا في حسباننا كما تقول ارقام الامن العام ان نحو 98% من حالات الاغتصاب لا يتم الابلاغ عنها خوفا من الفضائح والجرس والعار الذي يلحق بالبنت أو الست او العائلة حتى آخر العمر بينما 2% فقط تصل الى مسامع البوليس وتحقيقات النيابة وتدخل الى ساحات المحاكم وتسجل كقضية اغتصاب وتحرش ونصنع في النهاية هذا الرقم المفزع والمخجل 52 الف قضية اغتصاب وتحرش في سنة واحدة يعني في 365 يوما ! ماذا لو حسبنا عدد الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها خشية العار والشنار ماذا سوف يكون رصيدنا في بنك الاغتصاب كل ساعة وكل يوم وكل شهر وكل عام ! هل تريدون أن تزدادوا نكدا فوق ما انتم فيه ؟ تعالوا نفتح الملف الذي تزكم رائحته الانوف :-
· شباب ضايع صايع مبرشم يخطفون في منتصف الليل فتاة جامعية من امام بيتها وفي قلب شارعها والشارع يموج بالحركة ليل نهار يشغي بالناس والمارة والباعة والدكاكين المفتوحة ليل نهار والمقاهي السهرانة التي لا تغلق ابوابها ما دام روادها يفضلون الجلوس فيها عن الذهاب الى بيوت تتربص فيها خلف الابواب رزجات سليطات نكديات ووسط هذا المولد في قلب شارع الثلاثيني الملاصق لشارع فيصل انقضوا على الفتاة وذهبوا بها إلى التوك توك حشروها فيه وهربوا بها أمام كل العيون والبنت تصرخ ولا أحد يتحرك بعد أن ماتت الرجولة وضاعت النخوة في الصدور واختفى إلى غير رجعة ابن البلد اياه ابن الاصول والتقاليد وحل محله طابور من جرابيع خلق الله آخر نطاعة وآخر قلة أدب وهو الوصف الذي أطلقه عليهم موظف اروبة اسمه عم عطوة مقرة قهوة المعاشات في شارع نوبار وبالطبع لم يتركوا البنت الغلبانة إلا بعد أن نالوا منها ما أرادوا !
· وضابط شهم يدفع حياته ثمنا لشهامته واصراره على انقاذ موظفة مسكينة أرادوا خطفها في عز الظهر وفي ساعة خروج الموظفين في أحد مواقف السرفيس في الجيزة فكان نصيبه رصاصة غادرة في قلبه قصفت عمره قبل الاوان وقبل زفافه بأيام .
· وشاب يستدرج طفلة في السابعة ويغتصبها وخوفا من أن ترشد عنه خنقها وتركها في إحدى الخرابات .
· وطفلة أخرى لا يتعدى عمرها ثلاث سنوات خرجت من منزلها لكي تشتري حلوى من البقال قابلها ذئب في صورة انسان بكلام معسول حملها معه الى الحقول البعيدة ليعتدي عليها على مدى 67 يوما بطولها صحيح أن جزاؤه كان إحالة أوراقه إلى المفتي ولكن مسلسل خطف الأطفال لم يتوقف!
· ودكتورة في الجامعة خطفوها تحت تهديد السنج والمطاوي وداسوا كرامتها وانسانيتها بأقدامهم !
· وربة منزل دخلوا عليها بالحنجل والمنجل أوهموها أنهم من رجال الشرطة ومعهم أمين بمسدس وجهاز لاسلكي وأخذوها معهم في سيارتهم إلى إحدى الشقق وتناوبوا الإعتداء عليها .
...والحكايات التي تدمي وتؤلم وتوجع لا تنتهي كأنها قطار بضائع يمضي أمامنا ولا
أحد يعرف عدد عرباته ونحن وقوف أمام المحطات لا حول لنا ولا قوة .
إذا كثرت الذئاب
من كان منا يخطر بباله أو يتصور للحظة زمان واحدة أن يضاف إلى أحزان ومواجع وجراح الإنسان المصري وما أكثرها جرح جديد تسلل إلى داره في غفلة منه وربما بسببه دون أن يدري وطعن كرامة الأسرة المصرية وشرفها في مقتل اسمه خطف البنات!
هذا الجرح الذي أرسل طيور القلق لتحلق في سماء حياتنا وتستقر في صدور الامهات والاباء خوفا وهلعا وفزعا من ذئب غادر له وجه بشر وما هو ببشر وله أنياب يغرسها في شرف البنات وهو لا يفرق بين طفلة في الثالثة من عمرها ودكتورة في الجامعة وامرأة بلغت سن اليأس فهو يفترس المرأة المصرية في كل أطوار حياتها .
ولا أحد يعرف من أين ياتيه الخطر بعد أن تحول الشارع المصري إلى غابة ناسها ديابة وبعد أن اختفى عسكري الدرك أو عسكري الدورية الذي كان يجوب الشوارع ليلا ونهارا وبمجرد أن تنادي يا شاويش تجده مزروعا أمامك للحظته وفي الليل تسمع نداءه حتى الفجر مين هناك !
وهكذا أصبح الشارع المصري الان يمثل خطرا كبيرا على أبنائنا وأطفالنا ونسائنا والذئاب يتربصون ليلا ونهارا بكل شاردة أو تائهة أو نازلة من محطة قطار أو سائلة عن عنوان أو راكبة ميكروباص أو تاكسي !
والمبرشمون وشاربوا البانجو وزجاجات دواء الكحة على المقاهي يجلسون أو على النواصي يترقبون أو في الشوارع يتحرشون ونحن عنهم لاهون !
والبيت المصري هو الآخر لم يعد الحامي الذي يصون الشرف والكرامة فالبنت تلبس ما يعجبها المحزق والملزق والذي يحدد ملامح الجسم كلها بالتفصيل وبنت ستاشر تضع الأحمر والبودرة والماكياج يغطي وجهها والشعر مصبوغ باللون الذهبي وتنزل إلى الشارع في الوقت الذي يعجبها وتعود في الوقت الذي يعجبها وتمشي وتصاحب من يعجبها ولا سلطان لأحد عليها وقد تفعل ذلك كله في غفلة من عيون بابا وماما وربما بعلم ماما التي تفرح بابنتها وتدفعها دفعا لكي تتجمل وتتغندر لكي تصطاد لها عريسا لقطة في زمن شح فيه العرسان وكسدت فيه سوق الزواج لضيق ذات اليد ومن أين يأتي الشباب بالمهر والشبكة والشقة والوظيفة التي يحصلون عليها بعد طول سنين وألم وأنين يادوب توكل الواحد منهم فول وطعمية حتى آخر الشهر!
والشباب حائر لا أحد يسمعه ولا أحد يحتضن آلامه وآماله ولادور له ولا رأي !
والشباب معذور معذور معذور الزواج مؤجل بالنسبة له إلى أجل غير مسمى وهو في عز الشباب والفتوة والرجولة والفحولة ولكنه غير قادر على طرق باب الزواج والبنات شبه عاريات أمام ناظريه في النوادي والرحلات والمصايف والحفلات والنواصي وفي الجامعة أشكال وألوان واللي مايشتري يتفرج والموبايلات شغالة تشغل العفريت الأزرق وتلتهم ثلث دخل الأسرة وتعطل زواج البنات !
وإذا كثرت الحملان الشاردة كثر الذئاب وبعد أن تقع الفاس في الراس وتقع الضحية التي تقدم نفسها دون أن تدري لصيادها نصرخ ونولول على ضياع الفضيلة والشهامة والجدعنة!
والأب ترك الحبل على الغارب ولم يعد له وجود سواء بقي في البيت أو سافر إلى بلاد النفط أصبح لا حس له ولا خبر لم يعد هو الحامي والرقيب والمدافع عن شرف بيته وعرينه لا هم له إلا الجري وراء الرزق أما امر الاولاد والبنات فقد رمى حملهم على امرأته التي تشقى وتتعب طبخا وغسلا وتنظيفا وسهرا على دروس الاولاد وهم الاولاد ولا أحد يساعدها او يقف الى جوارها وهي عادة تداري ولا تداوي والاب يصرف ولا يعرف والاولاد يضيعون ونحن عنهم لاهون !
والمخدرات ثعبان آخر عض الشباب بنابه حتى ان 17% من شبابنا مدمنون حسب آخر دراسة جامعية والمخدرات تذهب بالعقل وتحطم الوجدان وتدفع الانسان الى ارتكاب ابشع الجرائم وهل هناك ابشع من جريمة اغتصاب فتاة لا حول لها ولا قوة !
والتليفزيون والدش والقنوات الفضائية تجيب التايهة والشاردة والواردة افلام ومسلسلات المراة فيها عارية من كل شيئ الهدوم والأخلاق والبطل فيها مجرم آثم أو تاجر مخدرات والرذيلة فيها شرف والشرف فيها ضعف وهوان !
وأفلام السينما خرجت عن وقارها وانفلت عيارها كل من لها ملف في الآداب او ضبطت في قضية تتعلق بالشرف تصبح نجمة النجوم وتنهال عليها العروض بعد ان حصلت على الرخصة ويالها من رخصة !
ومخرجات وفنانات يقدمن لنا افلاما يجري تصويرها في حجرات النوم ولا حوار الا في السرير ويتكلمن عن الجنس على شاشة التليفزيون بوصفه مثل الطعام والشراب ولا عيب فيه ولا عيب منه !
وراقصات اصبحن مطربات ومطربات تحولن الى راقصات وقنبلة موقوتة اسمها الشواذ يساندهم الغرب بكل قوة والمدارس اصبحت مثل علب السردين لا احد يفهم ولا احد يتعلم والجامعات اصبحت هي الاخرى مجرد مدرسة لكن اكبر قليلا لا أحد يعرف احدا ولا أحد يعلم أحدا ولاأحد يوجه أحدا التفكير فيها ممنوع ةالزعل فيها مرفوع والأساتذة مشغولون بالعلاوات والترقيات والشباب أصبح يضع همه في الزواج العرفي هربا من الواقع المرير والأحزاب لا تحتضن الشباب ولا تأخذ بيده بما فيها الحزب الوطني أبو الأحزاب المصرية نفسه والكوادر القيادية والسياسية من الشباب لا أحد يحتويها أو يدفعها إلى صعود السلم درجة من بعد درجة .
والشباب أصبح في حيرة من بعدها حيرة لا دور له ولا رأي ولا سند ولا معين وباب الوظيفة مغلق أمامه بالضبة والمفتاح.
وطابور الباحثين عن لقمة العيش الشريفة يقف فيه الآن على الأقل 4 ملايين شاب وهو يزداد طولا كل سنة نحو 400 الف شاب وشابة .
والشاب أصبح لا يجد نفسه إلا في الشات على شبكة النت يضع فيها كل همه ، والبطالة تولد العنف والإغتصاب وخطف البنات أليس هو الأخر نوعا من أنواع العنف ، والدين بعدنا عنه الف ميل والمسجد والكنيسة لا أحد منهما يقوم بدوره في جمع الشباب على حب الله والصلاة والصيام والتمسك بأهداب الخير والخلق القويم .
ولكننا في الوقت نفسه أصبحنا لا نفرق بين شاب متدين وشاب متطرف ومن يذهب إلى الجامع يصلي فرض الله بإنتظام ويستمع إلى خطب الوعاظ والمشايخ ويربي لحيته سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم نسميه خطأً متطرفا، لماذا لا نستطيع أن نفرق بين المتدين والمتطرف حتى الآن؟ وبرامج الدين في المدارس تقلصت ولا تحسب درجاتها ضمن المجموع وبرامج الدين في التلفزيون تجمدت عند الحديث عن فرائض الوضوء ومناسك الحج ومن الذي يدخل النار ومن الذي نصيببه الجنة ولا تناقش قضايا العصر وهموم الشباب من خلال الدين والقرآن والسنة ،حتى الجرائد والمجلات لم تعد تهتم إلا بقشور الدين وخلق المعارك التي لا تفيد ولا تزيد مثل الحديث عن السنة والأحاديث النبوية ما الصحيح منها وما هو الدخيل ؟ والفتاوي وآه من مسلسل الفتاوي التي ماأنزل الله بها من سلطان الذي نعيشه الآن....
إرضاع الكبير
وكأنه لم يعد في حياتنا أي مشكلة أو أي أزمة حتى نعود ألف سنة إلى الوراء لكي نقلب في دفاتر التخلف العقلي وننبش في قبور الجهالة لكي نخرج منها مايؤلم وما يؤخر.
وكأننا طابور من المحاسيب من أتباع الماريشال علي الأكبر رحمه الله الذي كان يحمل سيفه ويلبس ملابس الدراويش الملونة بألف لون وألف قطعة ويمتطي حصانا من الخشب ويقول لأتباعه في مولد الحسين رضي الله عنه "اتبعني إلى موائد الفتة في أكوام اللحم" وكنا أيامها يعني قبل نحو ربع قرن نجري خلفه ونحن نكركع ضحكا ومرحا.
حكاية فتاتين مخطوفتين
قالوا لي في مكتبك فتاتان ينتظرانك منذ الثامنة صباحا ،فتحت الباب لأجدهما ممددتين
متقابلتين على الكنبة السوداء الطرية ، كنتا تتثاءبان قالتا : معذرة لقد جئنا إليك من سفر طويل ..كانتا ترتديان ملابس بنات هذه الأيام الرأس مغطاة والبنطلون الجينز الضيق والإيشارب وشعيرات من الرأس لا بأس تتطاير فوق الجبين ..قلت للمليحتين : لا تقولا إنكما تبحثان عن فرصة عمل بعد التخرج قالتا في صوت واحد: ياريت لكننا حملان جئنا بحثا عن طوق نجاة وسط غابة من الذئاب ! طلبت لهما شايا قالتا عنه : تقيل وحلو زيادة
رفعت ايريالات سمعي لأسمع قصتهما مع الذئاب، قالت كبراهما: نحن طالبتان في الجامعة لايهم في أي جامعة ومن أي بلد ولكنها جامعة بعيدة عن القاهرة والسلام لقد جمعتنا صداقة المدرجات والمذاكرة وكراسات المحاضرات والجوار في البلدة وكنا سعداء بحياتنا وأيامنا ولكن قلت: ولكن إيه؟ ترد المليحة الأخرى القادمة من خير بلدنا وقعنا في بئر سحيقة ذهبنا إليها بأقدامنا وبإرادتنا ، عند حديث الكوارث لا يصح الكلام سكت في انتظار قنبلة انسانية سوف تنفجر بعد لحظات ، قالت الكبرى وهي تربط غطاء رأسها جيدا : لقد دخلنا في شلة أولاد وبنات من زملائنا وزميلاتنا في الجامعة اكتشفنا بعد فترة ان كل واحد متزوج عرفيا من زميلته ، ورفضنا الفكرة من أساسها فنحن بنات بيوت تعرف الله ولا ترتكب معصية والاب والام مقدسان كلامهما أوامر ونواهيهما لنا دستور حتى جاء اليوم الأسود، تكمل المليحة الصغرى : ذهبنا إلى شقة يستأجرها الزملاء والزميلات وهي التي يلتقي فيها كل شاب بزميلته التي تزوجها عرفيا كل اثنان لهما يوم معين وكان ذهابنا من أجل الحصول على كراسات المحاضرات المطبوعة ووجدنا الشقة مغلقة وكان معنا مفتاح سلمته لنا احدى الزميلات المتزوجات عرفيا فدخلنا في انتظارها ولكنها لم تأت وإنما أتى من يقول على الباب إنه من طرفها ومعه كراسات المحاضرات ففتحنا لنفاجأ بأربعة من الشباب لا نعرفهم يقتحمون علينا المكان وأغلقوا الباب من خلفهم وقالوا لنا : إحنا عارفين إن الشقة دي بيحصل فيها حاجات مش كويس وإحنا كمان عاوزين سألناهم في رعب : عاوزين إيه ؟ قالوا : عاوزين نعمل زي اللي بيحصل فيها كل يوم احنا مراقبين الشقة دي من زمان وإذا حد رقع بالصوت ماحدش هيسمع لازم تسمعوا الكلام وإلا حانقطعكم حتت وأخرجوا سكاكين وسيوفا ومطاوي وأغمي علينا من هول الصدمة وأفقنا على الكارثة لقد تناوبوا على إغتصابنا عنوة ونحنلا حول لنا ولا قوة ولم يتركونا إلا ونحن غرقى في دمائنا وعارنا ! قال: بلغتم البوليس قالتا أيوة وجه وعاين الشقة وحقق معنا ومع زمايلنا وزميلاتنا ولكن دون فايدة وبقيت فضيحة بجلاجل
أسألهما : طيب وأهاليكم عملوا إيه بعد ما عرفوا قالت الكبرى: أبويا وقع من طوله جاله شلل نصفي وقعد في المستشفى شهرين وأمي جالها السكر وأخويا خاصمني، و قالت الصغرى : أبويا تعيش انت من فترة وأمي ست شجاعة قبلت الأمر بصبر وجلد وقالت لي : يابنتي ده مقدر ومكتوب وبكرة نصيبهم حيصيبهم!
من المخطئ هنا ؟ الفتاتان أم المجتمع أم الجيل الفاسد الذي يداري خيبته ويبتلع همه بزواج عرفي هو أقرب إلى الزنا عن الزواج الحقيقي ، أم الحق كله على الدولة التي تركت الشباب بلا عمل وبلا أمل وبلا وظيفة وبلا هدف؟
أشهر جريمة إغتصاب
وقد يسأل خبيث من خبثاء هذا العصر وما أكثرهم : ما هو حكم الشرع في الخطف والإغتصاب وهل يقام على المغتصب حد الحرابة كما جاء في قوله تعالى في سورة المائدة " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض " .
يقول الإمام محمد عبده في معنى "يحاربون الله ورسوله" : إن المقصود بها محاربة الله ورسوله لأنه اعتدى على شريعة السلم والأمان والحق والعدل الذي أنزله الله تعالى على رسوله فمحاربة الله ورسوله هي عدم الإذعان لدينه وشرعه في حفظ الحقوق وليس معناه محاربة المسلمين كما قال بعض المفسرين .
وقوله "ويسعون في الأرض فسادا " متمم لما قبله أي يسعون فيها سعي إفساد أو مفسدين في سعيهم لما صلح من أمور الناس في نظام الإجتماع وأسباب المعاش .
والفساد ضد الإصلاح فكل ما يخرج عن وضعه الذي يكون به صالحا نافعا يقال انه قد فسد ومن يعمل عملا كان سببا لفساد شيئ من ألأشياء يقال أنه أفسده فإزالة الأمن على الأنفس أو الأموال أو الأعراض ومعارضة تنفيذ الشريعة العادلة وإقامتها كل ذلك إفساد في الأرض.
ولا نظن أن ماذهب إليه الفقهاء من قصر معنى الفساد على قطع الطريق والسرقة فقط هو الصحيح نظرا لأن الآية لا توحي بهذا المعنى فمحاربة الله ورسوله تتمثل في كل عمل يخرج به صاحبه عما أمر به الله أو يخالف ما نهى عنه لأنه بهذا إنما يريد أن يحكم بهواه ويعطل أحكام الدين فكأنه يحارب الله ورسوله وكذلك السعي بالفساد في الأرض لا يقتصر على قطع الطريق والسرقة وإلا كان هذا تخصيصا للمعنى بلا سند أو دليل فالفساد عام يشمل القتل والسرقة وما عداهما من أفعال كالإغتصاب والخطف وشتى صور الإيذاء.
تعالوا نسأل : هل عرفت الدولة الإسلامية الأولى في المدينة ظاهرة الإغتصاب ؟
والجواب كما نقرأه في كتاب "إغتصاب الإناث" للدكتور أحمد علي المجدوب – إنه بعد قيام الدولة الإسلامية في المدينة وتطبيق شريعة الإسلام فإن الإغتصاب قل إلى حد كبير بل أصبح نادرا سواء كان ذلك لإلتزام الناس بأحكام الشريعة وبالخلق الإسلامي أو لخوفهم من شدة العقوبة،وقد رأوا كيف طبقت على ماعز والغامدية والعسيف وغيرهم.
نسأل : وما هي أشهر جريمة إغتصاب في هذا العهد ؟
الجواب لابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية : ومن جرائم الإغتصاب القليلة التي وقعت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب تلك الجريمة التي راح ضحية لها فتى أمرد وجدت جثته ملقاة في أحد الطرق فلما أبلغ الخليفة سأل عن أمره واجتهد فلم يقف له على خبر ولم يعرف له قاتل فشق ذلك على عمر وقال :اللهم أظفرني بقاتله ، حتى إذا كان رأس الحول أو قريبا من ذلك وجد طفلا مولودا ملقى موضع القتيل فأتى به عمر فقال :ظفرت بدم القتيل إن شاء الله فدفع الصبي غلى إمرأة وقال لها : قومي بشأنه وخذي منا نفقته وإنتظري من يأخذه منك فإذا وجدت إمرأة تقبله وتضمه إلى صدرها فأعلميني بمكانها ، فلما شب الصبي جاءت جارية فقالت للمرأة :إن سيدتي بعثتني إليك لتبعثي الصبي لتراه وترده إليك قالت:نعم إذهبي به إليها وأنا معك فذهبت بالصبي والمرأة معها حتى دخلت على سيدتها فلما رأته فقبلته وضمته إليها فإذا هي بنت شيخ من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأخبرت عمر بخبر المرأة فاشتمل عمر على سيفه ثم أقبل إلى منزلها فوجد أباها متكئا على باب داره فقال له : يا أبا فلان ما فعلت ابنتك فلانة؟ قال: يا امير المؤمنين جزاها الله خيرا هي من أعرف الناس بحق الله تعالى وحق ابيها من حسن صلاتها وصيامها والقيام بدينها فقال عمر: لقد أحببت أن أدخل عليها فأزيدها رغبة في الخير وأحثها على ذلك فقال : جزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين امكث مكانك حتى أرجع إليك فإستأذن لعمر، فلما دخل عمر أمر كل من عندها فخرج عنها وبقيت هي وعمر في البيت ليس معهما أحد فكشف عمر عن السيف وقال: لتصدقيني وكان عمر لا يكذب فقالت : على رسلك يا أمير المؤمنين فوالله لأصدقن. غن عجوزا كانت تدخل عليَّ فاتخذتها أما وكانت تقوم في امري بما تقوم به الوالدة وكنت لها بمنزلة البنت فأمضيت ذلك حينا ثم إنها قالت لي :يابنية إنه عرض لي سفر ولي بنت أتخوف عليها من أن تضيع وقد أحببت أن أضمها إليك حتى أرجع من سفري فعمدت إلى إبن شاب أمرد تهيأ كهيئة الجارية وأتتني به لا أشك أنها جارية فكان يرى مني ما تراه الجارية حتى إغتفلني يوما وأنا نائمة فما شعرت حتى علاني وخالطني فمددت يدي إلى شفرة كانت بجواري فقتلته ثم أمرت به فألقي حيث رأيت فاشتملت منه على هذا الصبي فلما وضعته ألقيته في موضع أبيه فهذا والله خبرهما على ماأعلمتك.
فقال عمر : صدقت بارك الله فيك ثم أوصاها ووعظها ودعا لها وخرج وقال لأبيها : بارك الله في ابنتك وقد وعظتها وأمرتها فقال الشيخ: وصلك الله يا أمير المؤمنين وجزاك خيرا عن رعيتك.
شئنا أم أبينا فقد تسلل إلينا وباء خطير إسمه خطف البنات سجلت أرقامه أرقاما فلكية مرعبة فماذا نحن فاعلون؟
بقلم أ/ عزت السعدني
أهرام السبت 16/6/2007