Friday, May 4, 2007

لا إكراه في الدين

تابعت طوال الأسبوع الماضي قضية حكم المحكمة الإدارية العليا برفض تغيير الديانة في خانة الديانة في البطاقة الشخصية من مسلم الى مسيحي وهم قد غيروها من قبل من مسيحي الى مسلم وارى أن ذلك من قبيل التمييز الديني وأن حقهم في تغيير ديانتهم من منطلق الاية الكريمة (لا إكراه في الدين ) وانا اتفق تماما مع المهندس محمد منير مجاهد في رسالته إلى مجدي مهنا واختلف مع رد مجدي مهنا عليه واترككم لقراءة المقالة
الأخ العزيز...تابعت كغيري من المهتمين بحرية العقيدة، الجدل الدائر بشأن حكم محكمة القضاء الإداري برفض إلزام وزارة الداخلية بتغيير ديانة بعض المصريين في البطاقة الشخصية، من مسلم إلي مسيحي، وقد لفت انتباهي بشكل خاص ما جاء في عمودك الممتع «في الممنوع» بجريدة «المصري اليوم» يومي ٢٨ أبريل و١ مايو ٢٠٠٧، واسمح لي أن أناقش بعض ما جاء في هذين المقالين.
أولاً: تتساءل عن المدي المسموح به لحرية العقيدة، وأقول لك كمسلم إنه لا حدود لحرية العقيدة، ولا لحرية الإنسان في الاختيار في الإسلام، ودون هذا يصبح لا معني للحساب ولا للجنة والنار، فالقرآن يؤكد حرية البشر في أن يؤمنوا وأن يكفروا، وفي المقابل فإن مسؤوليتهم تجاه هذه الحرية تتجلي يوم الحساب، حيث سيحاسبهم رب العزة علي اختيارهم، ويقول تعالي: «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً» (الكهف ٢٩).
ثانياً: تقول «إن الإسلام لا يسمح للمسلم بتغيير ديانته، ومن يفعل ذلك يسمّ مرتداً، وهذا الارتداد متفق عليه في الشريعة الإسلامية، والحكم علي المرتد معروف ولا خلاف عليه بين علماء المسلمين»، وواقع الأمر أنه لا توجد في القرآن الكريم أي أحكام دنيوية تتعلق بالردة، والآراء الواردة في الردة خلافية وليس متفقاً عليها، فهناك من ينفي وجود عقوبة دنيوية للردة، علي أساس أنه لم يرد في القرآن الكريم، الذي لم يفرط فيه رب العزة من شيء، أي إشارة لمثل هذه العقوبة،
وهناك بالطبع الغلاة الذين يقولون بقتل المرتد، وأظن أن هؤلاء هم من تشير إليهم باعتبارهم «علماء المسلمين»، وهناك من يفرق بين المرتد المسالم والمرتد المحارب، ويرون أنه لا عقوبة للأول ويقتل الثاني، وهو ما يمكن فهمه علي ضوء عدم وجود حدود فاصلة في الزمن القديم بين الدولة والإسلام، وهو ما يمكن أن نقارنه بما يحدث حالياً بالنسبة للجنسية، فمن حق أي مصري مثلاً أن «يرتد» عن جنسيته المصرية
ويقرر أن «يعتنق» جنسية أخري كالجنسية الأمريكية مثلاً، ولا عقوبة عليه في هذه الحالة، ولكن ليس من حق أي مصري أن يتجسس علي مصر لصالح أمريكا، بحجة أنه لا يؤمن مثلاً بأمن مصر أو غيرها من الحجج، وفي هذه الحالة توقع عليه عقوبات قد تصل إلي الإعدام. الإسلام - في رأيي - دين عدل ورحمة، وهو نعمة كبيرة أنعم الله بها علي البشرية، ولا يمكن النزول به إلي فخ إذا دخلته أو دخله أحد أجدادك لا يستطيع منه فكاكاً.
ثالثاً: في ردك ومختار نوح علي تساؤل المستشار نجيب جبرائيل عن ذنب أبناء العائدين للمسيحية، وكيف يجبرون علي الدخول في دين لا يؤمنون به؟ قلتما: وما ذنب أبناء تجار المخدرات؟ وما ذنب أبناء المجرمين والقتلة؟ والحق أنني أجد إجابتك ومختار نوح مهينة ومسيئة للإسلام بشكل لا يستطيعه أعدي أعداء الإسلام، فمجرد تشبيه اعتناق الإسلام بتجارة المخدرات والقتل، فيه ظلم كبير للإسلام، وتزيد عليه بأنه إذا كان مقبولاً لديكم ظلم أبناء تجار المخدرات والقتلة بتحميلهم جرائم أهلهم، وهم لا ذنب لهم فيها، فإنه من المقبول تحميلهم «جريمة» إسلام ذويهم دون أن يكون لهم فيها يد.
رابعاً: لم أفهم المقصود بعبارتك «العبث بالأديان والتلاعب بها»، التي تكررت كثيراً في مقاليك، فهل غير أي من هؤلاء «أحكام الصلاة أو الصيام» أو غيرهما من أركان الإسلام أو المسيحية حتي يقال إنهم يعبثون بالأديان؟.. في حدود ما قرأت فإن هذا لم يحدث، وبناء عليه فإذا كان من الضروري اتهامهم بالعبث، فقد يكون من الأنسب أن نتهمهم بالعبث في تحديد انتمائهم الديني، وهو أمر إذا كان مداناً أخلاقياً فإنه لا يصيب غيرهم، وبالتالي فإن التحريض ضدهم واستفزاز مشاعر المسلمين باعتبار هؤلاء عابثين بالأديان ومتلاعبين بها هو تحريض علي الفتنة، ما كنت أظنك تقع فيه
التوقيع: أخوك محمد منير مجاهد - عضو مؤسس لجماعة «مصريون ضد التمييز الديني»... بقية رسالة الدكتور مهندس محمد منير مجاهد، مدير مشروع الضبعة النووي، سوف أنشرها غداً مع التعليق عليها.


اليوم أنشر الجزء الثاني من رسالة الدكتور مهندس محمد منير مجاهد مدير محطة الضبعة النووية.. مع تعليقي عليها.
السيد/...
خامسا: تساءلت هل ما جري وما يجري يدخل في إطار حرية العقيدة وحرية الفكر واحترام حقوق الإنسان وحق المواطنة؟، وأقول لك بلا تردد نعم فمن حق كل إنسان أن يعتقد فيمايشاء دون أن يطالب بتقديم مبررات لإيمانه هذا، ومن حقه أن يتراجع عنه أيضا دون أن يطالب بتقديم مبررات، فالله وحده هو المطلع علي القلوب والنوايا، وليس لنا أن نشق عن قلوبهم لاستجلاء الحقائق، وقد كنت محقا في قولك: «لا يملك الأزهر ولا شيخه الجليل، ولا أي سلطة في الإسلام، أن تمنع مواطنا من اعتناق الإسلام إذا نطق بالشهادتين»، وكذلك لا تستطيع أي سلطة أن تجبر أي شخص علي أن يظل مسلما منافقا إذا ما قرر لأي أسباب تخصه الخروج من الإسلام.
سادسا: تقول إن هذه المشاكل ناتجة عن خلاف بين مئات أو آلاف من الأخوة الأقباط مع كنيستهم، التي أغلقت أبواب الرحمة في وجوههم، وأن الكنيسة مسؤولة عن إيجاد حلول لهذه المشاكل، لا أن تقوم بتصديرها إلي المجتمع، وأظن أنك في هذا لا تري من يتحمل المسؤولية الحقيقية في هذا، وهي الدولة، والممارسات الطائفية التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه، فمشاكل أي مصري بغض النظر عن دينه هي مسؤولية الدولة، فلو كان لدينا قانون مدني موحد يحكم الأحوال الشخصية لجميع المصريين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية لما حدثت المشكلة، وكان المسيحي الذي يرغب في الطلاق سيحصل عليه بغض النظر عن اعتراف الكنيسة بهذا أم لا، كما يحدث في دول أوروبا وأمريكا وغيرها من الدول المتقدمة، ولكنك لا تستطيع أن تطالب البابا شنودة أو بنديكت بأن يحلل الطلاق لغير علة الزنا، كما لا تستطيع أن تطالب المفتي أو شيخ الأزهر بأن يحرم الطلاق بمجرد النطق بعبارة «أنت طالق»، ولكن الدولة تستطيع، والدعوة لقانون مدني واحد لا يقوم علي الطائفية مسؤولية جميع المثقفين الذين يريدون الخير لهذا الوطن، وأنت في مقدمتهم.
في النهاية، أتفق معك في أن إلغاء خانة الديانة يمكن أن تحل كثير من المشاكل التي أثارتها هذه القضايا وقبلها قضية البهائيين، ولكن الحل الحقيقي هو مدنية الدولة وحيادها تجاه الأديان وتنقية القوانين المصرية من كل ما يقيد حق المواطن المصري في اختيار الدين الذي يريده، وفي أن يمارس شعائره، وفي أن يدعو إليه، وأن يتم تجريم فرض العقائد بالقوة، سواء من طرف الدولة أو المنظمات أو الأفراد، ولكل هذا بالطبع علاقة بالتفسيرات الرسمية للشريعة الإسلامية وللمادة الثانية من الدستور، ولكن هذا حديث آخر.
التوقيع: د.م محمد منير مجاهد ـ عضو مؤسس لجماعة «مصريون ضد التمييز الديني»
.. خلافي مع الدكتور منير مجاهد أنه يفسر حالات ارتداد بعض الأخوة الأقباط عن الدين الإسلامي، بعد دخولهم فيه بإرادتهم الحرة.. بأنه يدخل في باب حرية العقيدة التي سمح بها الإسلام.. والتي ليست عليها قيود أو حدود.. في حين أنني أري، وباعتراف هذه الحالات نفسها، بأنها لا تدخل في باب حرية العقيدة.. بل تدخل في باب جرائم النصب والاحتيال، لأن هؤلاء وباعترافهم لم يدخلوا دين الإسلام عن اقتناع به، بل دخلوه لحل مشكلاتهم مع الكنيسة!
ما علاقة حرية العقيدة بهذا الفعل المشين، الذي يسيء إلي الإسلام.. والذي يبدو من كثرة عدد الحالات المرتدة عن الإسلام وكأنها مؤامرة.. أو أن هناك من يحرك هؤلاء منذ البداية؟.
أي عقيدة تلك التي تسمح بالفوضي والعبث بالأديان؟
لو أن إحدي هذه الحالات الـ٤٥ أو الـ٢٦٠ التي لجأت إلي القضاء، لتغيير ديانتها في السجل المدني من مسلم إلي قبطي، فعلت ذلك عن قناعة وصدق، لكان الأمر مختلفا.. لكن هؤلاء لم يتركوا المسيحية لأنهم يرفضون تعاليمها، ولم يدخلوا الإسلام لأنهم يقبلون تعاليمه، إنها «لعبة» أو «حيلة» للتخلص من مشكلاتهم مع الكنيسة.
مرة أخري.. ما ذنب الإسلام فيما يجري، وهل يمكن وصف هذه الحالات بأنها فعلت ذلك إيمانا منها بحرية العقيدة؟
هذا هو خلافي معك.. كما أنك فهمت كلامي عن أبناء تجار المخدرات وأبناء القتلة خطأ... وفسرته علي غير ما قصدت إليه، إنني قصدت أن هناك مشكلات نتجت عن هذا العبث بالأديان، وعن التفسير الخاطئ الذي ذهبت أنت إليه، والتي يمكن حلها كحالات فردية، لكن مرة ثانية أرجوك لا تقحم حرية العقيدة في هذا الفعل الشائن، أنا لم أساو بين الإسلام وبين تجار المخدرات والقتلة، أنت الذي فعلت ذلك.. إنني أساوي بين هذه الحالات وبين تجار المخدرات والقتلة، والفارق كبير، ولا دخل للإسلام بما نتحدث عنه.
أنت تبدو كأنك تدافع عن الإسلام وعن حرية العقيدة، لكنك في حقيقة الأمر تهدم الإسلام وتدعو إلي حرية الفوضي والعبث بالأديان تحت دعوي حرية العقيدة.
والحمد لله أنك اتفقت معي في ضرورة إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية، كحل للكثير من المشكلات المثارة حاليا، ولعلي أتفق معك في ضرورة إصدار تشريع مدني موحد للأحوال الشخصية للمسلمين والأقباط معا، لكن تقديري أن الكنيسة سوف تعترض عليه، كما أن مشروعا يقضي بزواج المسلمة من غير المسلم، سوف يعترض عليه الأزهر الشريف، إلا إذا كنت أنت لا تمانع في ذلك، تحت دعوي حرية العقيدة، وأن الإسلام قال: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. وأن الثواب والعقاب في الآخرة
!